DW
يجتمع قادة دول مجلس أوروبا، يتوقع أن يكون من بينهم المستشار شولتس والرئيس الفرنسي، في العاصمة الايسلندية في أول قمة تعقد منذ عقدين على تأسيس المنظمة. ورغم أهميته بقي تأثير مجلس أوروبا محدودا، لماذا؟ وكيف يمكن تجاوز ذلك؟
غالبا ما يظهر كمحذّر، حيث يدين الجهود غير الكافية ضد الفساد في ألمانيا، ويلح على الامتثال لمبادئ حقوق الإنسان وينتقد عمليات الصد على الحدود الخارجية لأوروبا: إنه "مجلس أوروبا".
وليس المقصود هنا المجلس الأوروبي لرؤساء الدول والحكومات الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ومقره بروكسل. الكلام هنا عن مجلس أوروبا ومقره ستراسبورغ. إنه أقدم منظمة للدول الأوروبية، وغالبا ما يتم الخلط بينهما بسبب التشابه بين الاسمين.
وربما يكون الذنب ذنبه. لأنه سمح في عام 1986 للاتحاد الأوروبي باستخدام علمه. مع أنه ليس مؤسسة تابعة للاتحاد الأوروبي. لقد تأسس مجلس أوروبا في عام 1949، كإحدى مفرزات ما بعد الحرب العالمية الثانية. أي أنه تأسس قبل "المجموعة الاقتصادية الأوروبية"، التي تعتبر المنظمة التي انبثق عنها الاتحاد الأوروبي.
ومن بين الآباء المؤسسين لمجلس أوروبا رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل والمستشار الألماني كونراد أديناور.
مجلس أوروبا - مهم ولكنه غير معروف
ومنذ تأسيسه التزم مجلس أوروبا بالدعوة لاحترام حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون. وأدواته هي: أكثر من 200 معاهدة دولية واتفاقية، ومجموعات خبراء، وجمعية برلمانية، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. عدد أعضاء المجلس: 46 دولة أوروبية. ومن أعظم إنجازاته: إنشاء منطقة جغرافية، يعيش فيها 700 مليون شخص، خالية من عقوبة الإعدام.
"الجميع يحتاجه، لكن لا أحد يعرفه"، يقول أستاذ العلوم السياسية كلاوس برُمّر من الجامعة الكاثوليكية في آيششتيت-إنغولشتات.
وفي استطلاع رأي أجري بتكليف من "الحركة الأوروبية في ألمانيا"، في بداية مايو/أيار، كان خمسة بالمائة فقط ممن تم استطلاع رأيهم يعرفون أن هناك قمة لمجلس أوروبا ستعقد في العاصمة الايسلندية ريكيافيك يومي 16 و17 أيار الجاري.
ويعتقد النائب في البرلماني الألماني فولكر أولريش أن مجلس أوروبا لا يحظى بالاهتمام الذي يستحقه. السياسي المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي هو عضو في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، والتي تضم 306 عضوا من برلمانات الدول الأعضاء. وهم ينتخبون المسؤولين الرئيسيين في مجلس أوروبا، ويراقبون الانتخابات ويدرسون القضايا الحالية المطروحة أمام المجلس.
أوكرانيا يفترض أن تكون الموضوع الرئيسي للقمة
للمرة الرابعة منذ تأسيس المنظمة قبل 74 عاما، سترأس ايسلندا قمة مجلس أوروبا. ويخشى كلاوس برُمّر من أن بعض رؤساء الدول والحكومات سيمتنعون عن التوجه إلى ريكيافيك، رغم وجود العديد من القضايا التي تجب مناقشتها.
من المنتظر أن تكون النقطة المركزية في القمة هي مسألة دعم أوكرانيا. وقبل القمة قال مجلس أوروبا إنه يجب إنشاء نوع من السجل للدعاوى القضائية المستقبلية من أوكرانيا. كما يفترض أن تناقش القمة مسألة الأطفال الأوكرانيين المفقودين.
الخبير في شؤون مجلس أوروبا برُمّر يتوقع من القمة لفتة رمزية وتأكيدا على التمسك بالقيم الأوروبية. لأنه "فيما يتعلق بالجانب العملي لدعم أوكرانيا في إعادة الإعمار أو حتى عسكريا، فإن مجلس أوروبا ليس لديه صلاحيات أو سلطات" لذلك، كما يقول البروفيسور برُمّر في حديث لـDW.
روسيا خارج المنظمة .. ما الدروس المستفادة؟
الدول الأعضاء في مجلس أوروبا هي في نفس الوقت أعضاء في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. إذا وجد المواطنون أن حقوقهم تنتهك من قبل الدول الأعضاء، فيمكنهم التوجه بشكواهم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ.
ووفقا للمحكمة، هناك ما يقرب من 16 ألف قضية من روسيا حتى نهاية آذار لم يتم البت بها، أي حوالي خُمس جميع القضايا التي لم تبت فيها المحكمة بعد.
السياسي المعارض ألكسيي نافالني توجّه إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في الماضي وحصل على حكم لصالحه. ولكن روسيا، ومنذ بدء غزوها لأوكرانيا، لم تعد عضوا في مجلس أوروبا، وبالتالي لم يعد من الممكن تنفيذ العديد من الأحكام التي تم فرضها بالفعل على روسيا، على الرغم من أن موسكو ملزمة قانونا بذلك.
يعتقد فولكر أولريش أن خروج موسكو من المنظمة هو الشيء الصحيح، رغم وجود "قطرة مرارة" تتمثل في فقدان الـ130 مليون مواطن روسي للحماية من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. ولكن الخروج الروسي أحدث فجوة في ميزانية المؤسسة.
ففي عام 2022، كانت ميزانية مجلس أوروبا 477 مليون يورو، وبلغت مساهمة روسيا ما يزيد قليلاً عن 34 مليون يورو، أي حوالي سبعة في المائة من إجمالي الميزانية. علما أن موسكو توقفت عن سداد المدفوعات حتى قبل مغادرتها. ولا يزال من غير الواضح كيف سيتم سد فجوة التمويل.