فادي عيد
يبدو أن الرهان على بعض اللقاءات التي حصلت في الساعات الماضية لم يكن في محله، على اعتبار أنه، ووفق المتابعين والمواكبين للمسار الرئاسي، فإن العِقَد ما زالت موجودة، ولكن لم يعد في مقدور كل القوى والأطياف السياسية أن تناور، بمعنى أن هامش المناورة بات ضيقاً بعدما وصلت إلى مسامع الكثيرين أنباء تؤكد أن التسوية لم تعد بعيدة المنال، في وقت أن التواصل مع "التيار الوطني الحر"، جارٍ على قدم وساق كيلا يكون خارج التسوية، والأمر عينه لمكوِّنات مسيحية أخرى وسواها، وفي طليعتهم حزب "القوات اللبنانية".
وفي هذا السياق، تشير مصادر سياسية مواكبة للمسار الرئاسي، إلى سلسلة عناوين يبنى عليها في الأيام المقبلة، وستكون منطلقاً رئيسياً للحل، وبالتالي، الوصول إلى انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية، وتشكيل حكومة جديدة، وذلك وفق النقاط الاتية:
ـ التعويل يكمن على القمة العربية التي ستعقد في جدة في التاسع عشر من الشهر الجاري، والتي ستكون مدخلاً أساسياً لتواصل الدول المعنية بالملف اللبناني وهؤلاء سيكونون موجودين في هذه القمة، وتحديداً الدول الخمس، والتي اجتمعت في باريس، ولهذه الغاية، فإن التحركات الحاصلة في الداخل، إنما هي لكسر الجليد والاستطلاع وجسّ النبض، ولا يمكنها أن تنتج رئيساً، أو أن تؤدي إلى أن ينعقد مجلس النواب لانتخاب الرئيس من خلال الكتل النيابية، بمعنى أن التسوية ستكون نتاج توافق دولي وإقليمي، وفي المحصّلة توافق جميع المكوّنات السياسية الداخلية، بعد أن تكون قد وُضِعَت في الأجواء، وهذا ما يجري العمل عليه اليوم في هذه المرحلة.
ـ ترقّب زيارة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى العاصمة الفرنسية أوائل الشهر المقبل، ولقائه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهي ستكون محطة بارزة ويعوَّل عليها، ولا سيّما أنها تحمل أكثر من شقّ وعنوان، ولا سيما بسبب عتب سيد بكركي على فرنسا، وتفرّدها في تزكية ودعم رئيس تيار "المردة" النائب السابق سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، بمنأى عن رأي وموقف بكركي، وحيث هي على علاقة وطيدة برئيس "المردة"، ولكن ثمة خصوصية مسيحية ووطنية لبكركي يجب عدم تجاوزها، والأمر عينه للمكوّنات المسيحية ذات التمثيل المسيحي الأساسي، كما أن البطريرك الراعي سيطلب من الرئيس ماكرون الدعم والمساعدة في انتخاب الرئيس بالتوافق مع الدول الخمس والمكوّنات اللبنانية، كما والمساعدة في إعادة نهوض لبنان من أزماته، وخصوصاً الاقتصادية والمالية والاجتماعية الصعبة، ومن ثم التأكيد والحرص على العلاقة المميزة بين الصرح البطريركي وكل اللبنانيين بشكل عام مع فرنسا، والتي كانت في الماضي كـ "الأم الحنون" للبنان واللبنانيين.
ـ إرتباط بعض التحرّكات الحاصلة في الداخل، بمساعي الدول الخمس من أجل انتخاب الرئيس، وكذلك التحضير للقمة العربية، ولا سيما ما يتناول الشقّ اللبناني، وعلى هذه الخلفية تأتي تحرّكات السفير السعودي وليد بخاري، التي لها صلة مباشرة بهذه المسائل. وهنا، وبمعزل عن نتائج لقائه بفرنجية، فإن ما جرى إنما هو خطوة، وإن لم تكن واضحة، ولكنها متقدمة وتُعتبر وفق المعلومات الموثوق بها، مدخلاً لترتيب كل ما يعيق الاستحقاق الرئاسي من زاوية تقريب المسافات مع الحلفاء والأصدقاء والفريق الآخر، علماً أن ما يعزِّز هذه الأجواء، إنما يتصل بالتقارب الذي حصل بين السعودية وإيران وعودة سوريا إلى الجامعة العربية، أي أن هامش تحرك البخاري بات واسعاً، بعد المناخات التي شهدتها المنطقة أخيراً.
ويبقى أنه، وفي موازاة هذه العناوين، فإن اللعبة الرئاسية باتت مغايرة لما كانت عليه في المراحل السابقة في ظل هذه الأجواء، وإنما ولهذه الغاية يعوّل على إنضاج الحل وعدم إطالة أمد الشغور الرئاسي.