فادي عيد - الديار
إسترعت زيارة رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط إلى عين التينة بالأمس، ولقاؤه برئيس المجلس النيابي نبيه بري باهتمام لافت، وإن كانت مفاجئة ولكن ما جرى في الأيام الماضية حمل الكثير من القراءات والتأويلات حول علاقة جنبلاط بحليفه وصديقه القديم بري، وما يربطهما من علاقات وثيقة منذ حقبة الثمانينات إلى اليوم. ولكن، وربطاً بالاستحقاق الرئاسي، قيل يومذاك وهذا ما حصل، بأن رئيس «التقدمي» لم يماشِ هذه المرة، وبخلاف المرات السابقة، صديقه بري حيث أكد مراراً أنه لن ينتخب رئيس «تيار المردة» النائب السابق سليمان فرنجية واعتبره مرشّح تحدٍّ، ولكنه أجرى مقاربة أنه إذا كان فرنجية مرشّحا لا يقبله الطرف الآخر، أيضا النائب ميشال معوض يعتبره الفريق الآخر مرشحاً استفزازياً، ولذلك طالب جنبلاط بمرشح من خارج الاصطفافات السياسية، وهذا ما قام به من خلال مبادرته عندما طرح بعض الأسماء، الأمر الذي لم يقبله.
ومن هنا، لوحظ في الفترة الأخيرة غياب جنبلاط عن عين التينة، كيلا يُحرَج في كل ما يتصل بالاستحقاق الرئاسي، وبالتالي أيضاً، حتى لا يُفَسَّر ذلك أنه موجّه ضد حلفائه، الذين أجمع معهم على انتخاب النائب ميشال معوض، هذا بالإضافة إلى معطيات وظروف إقليمية وعربية، من خلال التباين الذي ساد بين «الثنائي الشيعي» والمملكة العربية السعودية.
فكل هذه العناوين، لم يرغب جنبلاط تجاوزها في مثل هذه الظروف، حتى ان بعض المحيطين به يؤكدون على النظرة المختلفة بينه وبين بري، إنما ذلك لم يصل بينهما إلى الخلاف والتباعد.
اما لماذا توقيت الزيارة أمس الأول؟ هنا، قال المتابعون ومن خلال المعلومات المتوافرة، أن جنبلاط زار بري بعد زيارة سفير المملكة في لبنان وليد بخاري إلى دارته في كليمنصو، وقد يكون رئيس «الاشتراكي» سمع منه كلاماً دفعه إلى قراءة الموقف السعودي عن كثب، إضافة إلى المسار العام المحيط بالاستحقاق الرئاسي، وبمعنى أوضح قال جنبلاط بعد اجتماعه ببري، ان ما قاله له بخاري هو عينه الكلام الذي أعلنه لدى زياراته لكل الأطراف التي التقاها مؤخراً، ولكن يبقى ما هو بعيد عن الإعلام، أو ما يسمى بالخفايا السياسية، إذ ربما أدرك جنبلاط أن السعودية لا تضع أي «فيتو» على أي مرشح، ولم تُسَمِّ أحداً، فذلك ترك له هامش التحرّك، فكانت زيارة بري أول الغيث، وعلى هذه الخلفية، أن يبوح بكل ما لديه من أجواء لها صلة بالاستحقاق الرئاسي، الذي ابتعد عنه جنبلاط في الآونة الأخيرة على خلفية تجميد مبادرته وعدم الدخول في التسميات. فكل هذه الاعتبارات قد تكون زالت، ودفعته ليفضي بما لديه في الأيام المقبلة رئاسياً وسياسياً، وحول علاقاته مع الحلفاء وسواهم، أي أن ذلك ما سيؤدي إلى بلورة مواقفه بشكل أوضح عما هي عليه اليوم، في حال لم تحدث أي تطورات على صعيد الاستحقاق الرئاسي أو سواه.
وأخيراً، وأمام هذه الأجواء التي أحاطت بكليمنصو، وصولاً إلى زيارته إلى عين التينة، قد يكون أتى جراء معطيات ومعلومات استقاها جنبلاط مؤخراً بعد لقائه بخاري، وربما أيضاً من أصدقاء إقليميين ودوليين حول التسوية الرئاسية. ولذا، فإن الأيام القليلة المقبلة لكفيلة بوضع الأمور في نصابها، وتبيان الخط الأبيض من الأسود، ليبنى على الشيء مقتضاه، إن على صعيد التسوية الرئاسية أو سواها.