الرقم:
55% عبروا أن يوم المقاومة والتحرير لا يمثلهم أو يعنيهم.
الرأي:
منذ تأسيسه، شكَّل لبنان هدفاً سائغاً ومثيراً للشهية. أنعم الله عليه ولعنه بموقع جغرافي جعله باباً للشرق وجاراً لأقطابٍ سياسية معادية طماعة لها نزعات إحتلالية. وبالتالي، تكوَّن في الDNA اللبناني عنصر مقاوم متعدد الهويات والأهداف. الذاكرة اللبنانية الفتية، الممتدة الى آخر عقدين من الزمن، تسجل إندحار جيشين أجنبيين من الأراضي اللبنانية. ومن وقتها، لم يتوصل اللبنانيون إلى وحدة في الموقف: من الشقيق ومن المحتل ومن العدو.
لا بد من الإتفاق على تعريف موحد للعدو. هو شخص أو كيان 1) مناوئ بإستمرار 2) يشكل خطر متواصل 3) يتصرف بعنف وظلم تجاه شخص أو كيان آخر ومن دون وجه حق. إذا عكسنا هذه المبادئ على الدول يتفرَّع منها ما هو أكثر شراً واضطهاداً كالطمع بالموارد، تكفير الأديان والمذاهب الأخرى، التشويه العرقي إلخ. وعندها، يتم خلق الأسباب والتبريرات وإخراج مسرحيات وتُجَيَّش التحالفات لتحقيق الأهداف العدوانية. ويباح المستباح، بالسياسة والدين، فتنتشر ثقافة التخوين ويثار الخلاف حول الشهادة.
جرت العادة تاريخياً أن يعادي بلد/شعب بأكمله نظيره، ويصاغ الدستور ليكرس هذا العداء وبالتالي تربى الأجيال على هذا النهج. في تلك الحالات تكون المقاومة محصنة قوية وتلقى البيئة الحاضنة والأرض الخصبة لتنمو وتنتصر. لكن قلّما تجد بلداً وشعباً منقسماً بشكل عامودي حاد حول هوية العدو مما يؤدي الى تعدد الأعداء فيدور الصراع حول من هو الأكثر عداوة. لماذا؟ لأنه قلما تجد بلداً مثل لبنان يتضمن 18 طائفة وانتماء وهوية قومية ترفع لواء جهات خارجية. الجنوبي يرى الإسرائيلي عدواً والسوري شقيق. الكسرواني قد لا يرى الإسرائيلي شقيقاً ولكنه بالتأكيد يعبتر السوري عدواً. هل نستطيع أن نلوم أحداً منهم؟ الإسرائيلي إحتل الجنوب والسوري إحتل الضواحي الشمالية. المعاناة والندبات العاطفية الناتجة عن جميع الإحتلالات متشابهة. لم يسلم أحداً من القتل والإغتصاب والخطف والذل.
بناء على ما ذكر، لن يتوحد اللبنانيون، شعبا ودولة، على هوية العدو والمقاومة والتحرير. سيظل لكل فئة لبنانها الخاص، مبني على أسس طائفية مناطقية أيدولوجية.