تنتشر في شوارع لبنان، عبارات يصدع صداها في كل زاوية: "الله يخليك"، من مال الله يا محسنين"، "اعطيني الله يعطيك"... وهذا يعود الى انتشار ظاهرة التسول بشكل كبير، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها لبنان منذ ثلاث سنوات.
ويبدو أن "التسول" أصبح عملاً مربحاً ومهنة يتبعها المتسولون ليؤمنوا لقمة عيشهم كل يوم في هذه الظروف الصعبة.
الا ان المرعب في هذه الظاهرة هو أن الأمرلا يقتصرعلى مجموعة اشخاص لا تملك المال وهي تتسول لتعيش، انما يبدو أنها مافيات متخصصة في جمع الأطفال وخلق العاهات المصطنعة من أجل استعطاف المارة لمنحهم أموالاً، والغريب في الأمر أنه بات مهنة للبعض يجمعون من خلالها الأموال بطريقة سريعة.
يصلون الى الشارع، فيهرعون فوراً الى احدى زوايا الرصيف ويقومون بتمزيق ثيابهم وخلع أحذيتهم ووضعها في مكان بعيد عن أعين المارة، ويعودون الى الاشارات، بمناظر تثير شفقة المواطنين المارين من هناك.
ويبدأ عملهم اليومي، بيع العلكة، المحارم، او طلب المال من المارين.
والمؤسف في الموضوع ان هذا المشهد يحصل أمام أعين القوى الامنية التي ترى كل ما يحدث امامها ولا تبالي وكأنها ليست معنية بهذه المسرحيات التي تكتبها أصحاب العصابات وينفذها الاولاد.
لم تغب صورة هؤلاء الأطفال عن ذهني يوماً، فمذ أن رأيتهم في هذا المشهد شعرت وكأنهم ضحايا لعصابات.
مسألة خطيرة يعاني منها لبنان، فهؤلاء الأشخاص الذين يتجولون في الشوارع تحت حجة "الله يرزقني" يشكلون خطرا على انفسهم اولا وعلى المواطنين، مع تخوف أمني يأتي بسبب عدم وضع هذه المسألة في سلم الأولويات الامنية خاصة وانها آفة تشكل خطورة كبيرة على الامن الاجتماعي في البلاد.
والسؤال الاهم الذي يدور في ذهن كل مواطن يرى المتسولين في الشوارع: أين هي الجمعيات المختصة بهذه الحالات والتي يجب عليها أن تضع حدا لهذه العصابات؟
أخيراً، إن قضية التسوّل التي يفترض أن تكون من بين أهم القضايا التي يجب تناولها في مجتمعنا ، لا تزال غائبة عن اهتمامات المسؤولين والمتشرد الذي بصمتِه يعبر عن حاجات لم يقدمها له المعنيون، أصبح يعتبر هذه المهنة كعمل دائم ليعتاش منه.
فإلى متى سنبقى نشهد على ارتفاع عداد المتسولين في مجتمعنا من دون اي خطوات جدية للتخلص من الآفة؟