"الأنباء" الإلكترونية
وسط الانكماش السياسي القائم والجمود المهيمن على عجلة انتخاب رئيس للجمهورية، تكثر التحليلات والاجتهادات بشأن الملف الرئاسي، وما إذا كان لبنان من ضمن أولويات الاتفاق السعودي- الايراني أم أنّه سيبقى بانتظار تجربة الشهرين من اختبار النوايا بين ايران والسعودية، إلّا أنَّ ما يمكن اعتباره واقعاً أن لبنان لا يزال في دائرة الضوء والاهتمام العربي والدولي، لا سيما مع الحديث عن اتفاق دوحة جديد، قد يُعقد في القاهرة من أجل اتمام الاستحقاق الرئاسي.
في هذه الأثناء، لا تزال زيارة رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى باريس ولقائه مع المسؤولين الفرنسيين موضع قراءة وعناية، لما لهذه الزيارة من أهمية على مسار المباحثات الدولية القائمة من أجل لبنان وصفات الرئيس المطلوبة في المرحلة المقبلة ليكون قادراً على انقاذ البلد من أزمته.
جنبلاط كانَ قد وصف الوضع في لبنان من سيء الى أسوأ اقتصادياً ونقدياً لأن المسؤولين عن الحكم، برأيه، لا يريدون المعالجة الجذرية، فالأقطاب الموارنة على حدّ قوله قالوا علينا انتخاب الرئيس لكنهم مختلفون ولكل منهم شروطه، لافتاً إلى أنَّ الثنائي الشيعي أعلنَ ترشيحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، مؤكداً أنه مع التسوية وانتخاب رئيس يعطي أملاً ببداية اصلاح سياسي واقتصادي.
في هذا السياق، اعتبرَ عضو تكتل لبنان القوي النائب سيزار أبي خليل في حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية الوضع في لبنان بأنه ليس على ما يرام لأن هناك قوى سياسية ترفض التحدث مع بعضها، ورأى أنَّ الحل هو بالذهاب الى انتخاب رئيس للجمهورية والاتفاق على الحكومة وبرنامجها، معتبراً أنها الطريقة الوحيدة لإنقاذ البلد ووقف الانهيار، عازياً الأسباب التي تحول دون تحقيق ذلك عدم امتلاك البعض لقرارهم وانتظارهم لاشارات خارجية.
أبي خليل ذكّر بأنَّ التكتل دعا الجميع منذ تموز الماضي الى الاتفاق على مرشح وتقصير مدّة الفراغ الرئاسي، لكننا مع الأسف لم نلقَ أذاناً صاغية.
أما الاسباب التي حالت دون اتفاقهم، ضمن التكتل، على مرشح مقبول وخوض معركته، لفتَ أبي خليل إلى أنَّ بعد ما تحملناه طوال 6 سنوات من الموقع الرئاسي ومن الانقلاب علينا رأينا ان الجو غير مؤاتٍ، ومن أجل أن نقصّر أمد الفراغ الحاصل ألا نخوض معركة أحد منا، لأننا لا نستطيع أن نؤمن له أكثرية 65 صوتاً ولا نستطيع أيضاً تأمين اكثرية الثلثين 86 نائباً، لذلك فضلنا الانسحاب إفساحاً في المجال للتوافق، مذكّراً "قلنا تعالوا نتفق على تقصير الطريق وانتخاب الرئيس والتقينا لهذه الغاية بغالبية الكتل النيابية".
وعن رأيه باتجاه الأمور بعد الذي جرى مؤخراً في مجلس النواب وتوقعاته بالنسبة للانتخابات البلدية، اتّهم أبي خليل الحكومة بتقاذف المسؤوليات باعتبارها غير قادرة على اجراء الانتخابات وتريد تحميلها الى مجلس النواب، لافتاً الى البيان الذي اصدره "التيار" بهذا الشأن ودعوة الحكومة الى مصارحتنا اذا كانت قادرة على اجراء هذه الانتخابات أم لا وماذا تريد من المجلس، فاذا ما كان لديها القدرة عندها نصدر قراراً بالتمديد.
وإذ أكّد أبي خليل أنَّ 1055 بلدية تتطلب بالحدّ الأدنى 15 ألف مرشح و60 ألف مختار، فاذا التنافس يقتصر على شخصين فقط فهل الحكومة قادرة على تأمين أكثر من 150 ألف اخراج قيد و150 ألف سجل عدلي، متوقعاً في نهاية الأمر "تأجيل الانتخابات لأن الحكومة غير قادرة على اجرائها وهي تحاول تلبيسها لمجلس النواب".
بدوره، أشار عضو كتلة الاعتدال الوطني النائب أحمد رستم عبر "الأنباء" الالكترونية إلى أن الأوضاع في البلد ما زالت على حالها وليس هناك أية مستجدات جديدة بانتظار بلورة الاتفاق السعودي- الايراني، آملاً أن يلقي شهر رمضان المبارك بظلاله ويهدي النواب الـ 128 الى كلمة سواء للاتفاق على انتخاب رئيس جمهورية في أقرب فرصة، غامزاً من قناة ما جرى مؤخراً على ضوء الخلاف على التوقيت الذي كاد أن يؤدي الى شرخ طائفي لا تحمد عقباه فيما الغلاء والارتفاع الجنوني للدولار ينغص حياة كل اللبنانيين دون استثناء.
وفي مقلبٍ آخر، تمنى رستم اجراء الانتخابات البلدية في موعدها استناداً الى تأكيد وزير الداخلية وتصميمه على دعوة الهيئات الناخبة في الثالث من الشهر المقبل، أمّا بالنسبة للانتخابات الرئاسية رأى أن الأمر مرهون بالمجلس النيابي لكن بعض القوى السياسية ما زالت تنتظر اشارات خارجية.
رستم كشفَ أنَّ خلال لقائهم السفيرة الفرنسية آن غريو للتداول في الملف الرئاسي أبلغتهم أن انتخاب الرئيس منوط بالنواب اللبنانيين وليس مهمة فرنسا ولا السعودية ولا أية دولة في العالم التدخل في اختيار شخص الرئيس لانها مهمتكم كلبنانيين قبل غيركم.
رغم كلّ البوادر إلّا أنَّ لا حلول قريبة في المدى المنظور بانتظار حلحلة في المواقف وتحريك المياه الراكدة، إنقاذاً للوضع، خصوصاً وأنَّ الأزمة على نار حامية ما يُنذر بانفجار قريبٍ للشارع.