جوزف فرح - الديار
«رب ضارة نافعة» لان ما ان يتهاوى قطاع حتى ينمو قطاع اخر على حساب القطاع المتهاوي وبالتالي ما ان تعرض بعض المصارف للانهيار في الولايات المتحدة الاميركية وما ان تعرض بعض المصارف في اوروبا لصعوبات حتى ظهر الاقبال على القطاع العقاري الذي يبقى الملاذ الامن في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة .
واذا كان اللبنانيون غير قادرين على الاستثمار في القطاع العقاري بسبب احتجاز اموالهم في المصارف اللبنانية فإن البعض منهم الذين تمكنوا من اخراجها من لبنان وبعض المغتربين اللبنانيين الذين اكتوا بنار المصارف اللبنانية وكانوا متخوفين مما يجري في الولايات المتحدة الاميركية واوروبا سارعوا الى سحب اموالهم التي جنوها بعرق الحبين ومرارة الاغتراب من المصارف الاجنبية ولجأوا الى الاستثمار في القطاع العقاري وخصوصا في قبرص واليونان وغيرها من الدول بعد ان شعروا ان هكذا نوع من الاستثمار يؤمن لهم مداخيل اضافية اذا عمدوا الى تأجير العقارات التي اشتروها وبالفراش دولار .
واذا كان العقار هو الملاذ الامن فإن بعض اللبنانيين في الداخل عمد الى اللجوء لشراء الذهب على الرغم من ارتفاعه وتخطي اونصة الذهب الـ ٢٠٠٠دولار اميركي الا ان لجوء هؤلاء الى العقار يبقى الافضلية لهم بدليل ان اموال المودعين قد طارت من المصارف بينما بقي العقار بأرضه بامكان صاحبه التصرف به كما يشاء وحتى ولو باعه فيكون بالفراش دولار او اراد ان يؤجره فيكون ايضا بالفراش دولار .
لكن اللبنانيين القادرين والمغتربين اتجهوا الى شراء العقار في قبرص واليونان وحتى تركيا خصوصا ان العقار يؤمن مدخولا لا بأس به واسعاره مقبولة والمردود من الايجار مرتفع في هذه الدول ،وقد سعى رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي خلال الزيارة التي قام بها لتهنئة الرئيس القبرصي بمنصبه الجديد ان طرح عليه امكانية استفادة اللبنانيين من الاستثمار العقاري من خلال القروض التي تعطيها المصارف القبرصية .
ويقول رئيس مجموعة بلاس بروبيريتيز جورج شهوان اننا شهدنا بالفعل اقبالا جيدا خلال الاسبوعين الماضيين وطلبا من قبل اللبنانيين والمغتربين الذين يخافون ان يكون مصير اموالهم في الولايات المتحدة الاميركية واوروبا مشابها لما جرى لاموالهم في المصارف اللبنانية حيث اثبتت قبرص انها المكان الامن لهذه الاستثمارات وان العقار يبقى الافضل استثمارا واستفادة ،ويعتبر شهوان الذي يقوم بتطوير حوالى ٧٠مشروعاً في قبرص ان العقار استثمار امن ونحن ننصح به.
ويؤكد شهوان ان المصارف القبرصية واليونانية لا تعطي قروضا للبنانيين الذين ليس لديهم مدخول في الخارج ولكن نرى ان اللبنانيين العاملين في الخليج واوروبا يلجأون الى شراء العقارات للمحافظة على اموالهم او تشغيلها عبر الايجارات او تأجيرها خلال فصل الصيف كشقق مفروشة .
هذا ويسعى معظم مالكي العقارات في لبنان وبشكل متزايد إلى بيع عقاراتهم بالدولار النقدي، ذاك أنهم سدّدوا للمصارف غالبية ديونهم بالدولار المحلي. ففي نهاية تموز 2022، بلغت محفظة التسليفات بالعملات الأجنبية زهاء 12.6 مليار دولار، مقابل 40 مليار دولار قبل اندلاع الأزمة في تشرين الأول 2019. وفي حين أن جميع العقارات القابلة للبيع مسعّرة حالياً بالدولار النقدي، غير أنّ المشترين بالدولار النقدي نادرون، ما يترك أثراُ سلبياً على نمطية السعر. ويأتي ذلك في أعقاب خفض في أسعار العقارات بالدولار النقدي بنسبة 50% في المتوسط منذ اندلاع الأزمة في العام 2019. ويختلف خفض أسعار العقارات بين منطقة وأخرى، حيث بلغ 70% بالدولار النقدي في المناطق النائية في ظل ندرة المشترين وضعف القدرة الشرائية، بينما اقتصر الخفض في مناطق أخرى متاخمة للعاصمة على 30%. الجدير ذكره هنا أنّ العقارات الفخمة وخصوصاً في العاصمة، أظهرت مناعة أفضل بعض الشيء منذ اندلاع الأزمة حيث حافظت نسبياً على مستوى أسعارها، في حين شهدت عقارات المناطق النائية انخفاضاً أكبر في الأسعار.
على اية حال فأن الانسان الذي يملك المال لا يزال غارقا في كيفية المحافظة عليها في ظل التقلبات السائدة ليس في لبنان فقط بل في العالم كله .وقد يجد ان وضع امواله اليوم في العقار بيقى الافضل والاحسن .