ابتسام شديد - الديار
لم يحدد سليمان فرنجية موعدا لإطلاق ترشحه لرئاسة الجمهورية رسميا بعد، فيما تؤكد مصادر سياسية ان رئيس مجلس النواب نبيه بري سوف يدعو بعد شهر رمضان الى جلسة انتخابية يكون فيها توجه الفريق السياسي الداعم لفرنجية التصويت له بدلا من الورقة البيضاء. الخطوة يسبقها حتما ترشيح رسمي لرئيس "تيار المردة"، لكن الخطوة محاطة بتكتم شديد. ومن الملاحظ ان فرنجية يتحرك في الفترة الأخيرة ضمن دائرة الحذر القوي، محاذرا الاشتباك مع احد، خصوصا الانخراط بالسجالات المؤذية لمعركته الرئاسية.
فمشروع الترشح، سواء كان عبر خطاب رئاسي (من المؤكد انه جاهز) او مهرجان شعبي كما تقول المعلومات، مؤجل لتبيان نتائج الحركة السياسية وتبلور المزيد من المعطيات الإقليمية والداخلية، علما انه في دائرة فرنجية حركة متواصلة تحضيرا لحدث ما لن يخرج الى الإعلام قريبا، لكن الارتياح واضح لدى المحيطين به وبفريقه السياسي، فالأمور تسير بانتظام حتى يحين موعد الانفراج الرئاسي.
في محيط فرنجية ثقة تامة بمصداقية الحلفاء والتزامهم معه في الإنتخابات الرئاسية، والمعروف وفق مصادر سياسية، سعي الثنائي لتأمين وصول فرنجية الى بعبدا، والعمل على تفكيك الألغام، واستقطاب مجموعات نيابية جاهزة للتصويت لفرنجية وشبك الاتفاقات الرئاسية.
ومع ذلك، فاستراتيجية فرنجية والحلفاء تقوم على "حياكة" ترشحه جيدا وعدم التسرع وحرق المراحل، فالاتفاق السعودي - الإيراني يحتاج الى وقت لتبيان مفاعيله، ولا يمكن تقريشه حاليا، كما ان المقايضة الدولية وفق معادلة" تنازل في اليمن يقابله آخر في بيروت" لا يمكن الاعتماد عليه وحده، لأن أساس المعركة سيكون في الداخل.
عقبتان تعترضان طريق فرنجية الى بعبدا، الأولى تكمن في الموقف السعودي والمعايير التي تضعها المملكة ولا تنطبق على مواصفات ترشيحه، كما يقول خصوم فرنجية، فاستحقاق الـ٢٠٢٣ مختلف بتحدياته عن اي انتخابات سابقة، ولا يمكن تخطي عدم موافقة المملكة السعودية على المرشح الرئاسي، وليس سرا ان السعودية لا توافق على رئيس من ضمن المنظومة الحالية، وتتطلع الى رئيس قادر على الإنقاذ وإخراج الوضع اللبناني من الانهيار، وهذا يقود الى تأكيد المؤكد بأن ترشيح فرنجية يحتاج الى قبول المملكة.
العقدة الداخلية وفق الخصوم لا تقل أهمية، وتتمثل بالموقف المسيحي الرافض لهذا الترشيح، وقد اصبح واضحا نشوء جبهة سياسية تعمل لإسقاط فرنجية، من "التيار الوطني الحر" الرافض لقرار الثنائي الشيعي، وحزب "القوات" الذي حدد خياراته الرئاسية بتأكيده انه سيمنع وصول فرنجية الى بعبدا، وصولا الى حزب "الكتائب".
تعترف مصادر فريق ٨ آذار بوجود عقبات، لكن الأمور جدا مختلفة، فالأجواء المنقولة عن السعودية، بحسب وصفها، ليست دقيقية من جهة، فيما الميزان يميل الى جهة مرشح الثنائي مع فشل الفريق المعارض في التوحد، وعدم تمكنه من تأمين "السكور" الرئاسي لمرشحه، وسط تشرذم المعارضات في ساحة النجمة. ينتظر الثنائي موقفا استثنائيا من المختارة حين تحين ساعة الحسم الرئاسي، فجنبلاط لا يمكن ان يسير بمرشح تحد ضده، وكذلك يعول الثنائي على أصوات المستقلين والنواب "المتمرّدين" على كتلهم السياسية.
فرنجية الذي تعرض لصدمات رئاسية في أكثر من استحقاق، واضطر الى التنازل لخصومه السياسيين، اليوم هو حريص على عدم ارتكاب أخطاء قاتلة رئاسيا، ويلتزم من لحظة خروج الرئيس ميشال عون من بعبدا عدم استفزاز أي فريق سياسي والتورط في متاهات، سعيا لتوفير الهبوط الآمن في قصر بعبدا. فرئيس "المردة" انسحب في التسوية الماضية ومصرّ على المضي في معركته وعدم التراجع هذه المرة، خصوصا انه ينتظر هذه الفرصة ويحضر لها منذ ٣١ تشرين الأول ٢٠١٦. فهل ستنطبق رهانات ابن زغرتا الرئاسية مع التفاهم السعودي الإيراني؟ الأمر متروك للأسابيع المقبلة.