صونيا رزق - الديار
يواصل البطريرك الماروني بشارة الراعي، اطلاق الصرخات المدوّية خصوصاً خلال عظة كل أحد، لحث المسؤولين على إنقاذ لبنان، والاتفاق على رئيس والاسراع في انتخابه لانّ الوطن يتهاوى، كما يطلق نداءاته الى القيادات والنواب المسيحيين للتوافق على مرشح رئاسي، ولم يترك طريقة او وساطة إلا واستعان بها، من دون ان أي نتيجة، لانّ الصمت المدوي كان دائماً سيّد المواقف من قبل المسؤولين. اما القيادات المسيحية فكالعادة تناحر وخلافات وانقسامات، على الرغم من النداءات الخارجية ودعوات المجتمع الدولي الى إنقاذ لبنان، المهدّد بالزوال عن الخارطة الدولية.
هذا السكوت المدوّي والدائم، وعدم اهتمام السياسيين بما يجري، دفع بالبطريرك الراعي الى نقل مواقفه من الدين الى السياسة، بسبب استشعاره الخوف الكبير على مصير لبنان، بعد تدهور الاوضاع فيه على كل المستويات، في ظل غياب أي بارقة امل بالحل، اذ يبدو سياسيوه في مكان آخر بعيد عن هموم الشعب المحبط واليائس، خصوصاً الشباب المنتظر على قارعة السفارات، طالباً الهجرة مهما كان ثمنها وتبعاتها، لانها لن تكون أسوأ من العيش في هذا الجحيم، لذا لم يترك الراعي مناشدة إلا واطلقها، خصوصاً الى الدولِ الصديقة لنجدة لبنان، والى منظَّمة الأمم المتحدة للعمل على المساعدة.
الى ذلك، تطرح اوساط مسيحية اسئلة عن غياب دور الاحزاب المسيحية في عملية الانقاذ التي دعا اليها الراعي، فلماذا يغيب ذلك الدور وبصورة علنية، ويكتفي فقط بزيارات الدعم والتأييد، من دون اي عمل فعلي على الارض؟ الامر الذي يثير الاستغراب، فبدل ان تؤدي تلك الاحزاب دوراً في الحل، وتضع يدها بيد الراعي الذي يعمل لمصلحة لبنان، نراهم غير مهتمين، ربما بسبب طموحاتهم البعيدة المدى، او بسبب خلافاتهم التي تطغى على كل شيء، اذ نراهم يناقضون مواقفهم، فالكل ينادي بتقوية القرار المسيحي، وفي الوقت عينه نجدهم بعيدين عن ذلك، يدعون الى الإسراع في انتخاب الرئيس ولا يبادرون الى المساهمة في الحل.
وتؤكد الاوساط المسيحية ان الراعي يقف اليوم وحيداً امام مهمة التقارب المستحيل، بعد محاولاته المتكرّرة بجمعهم من دون ان يلقى القبول من معظمهم، لذا استعان بالصلاة في الخامس من نيسان المقبل، لجمعهم ضمن خلوة روحية في بيت عنيا في حريصا، فارسل اليهم دعوات حملت توقيع النائبِ البطريركي المطران أنطوان عوكر، علّها تؤدي الى تقاربهم من اجل الاتفاق على مرشح ينهي معضلة الرئاسة، وبالتالي يساهم في رسم خارطة طريق للمستقبل القريب الذي ينتظر لبنان.
الروحانية التي لجأ اليها البطريرك الراعي بزمن الصوم، تضيف الاوساط، حيث اختار "اربعاء ايوب" الذي يسبق عيد الفصح بايام، ويتمّ خلاله التأمل في الألم كجسر عبور الى الله، وكأنه اراد ان يُذكّرهم بالصبر على البلاء، الذي تحلى به النبي ايوب وسيّد بكركي ايضاً واللبنانيين جميعاً، بعد طول فترة انتظار لتقارب المسؤولين المسيحيين بصورة خاصة، واتفاقهم ولو لمرة واحدة، لذا ينتظر الراعي بصبر نافد تلك الخلوة، علّها توصل الى شاطى الامان الرئاسي المنتظر من قبل اللبنانيين، لانتشالهم من الغرق الوشيك.
وفي هذا الاطار، افيد بأنّ " القوات اللبنانية" لا تمانع الحضور، على ان تعلن موقفها الرسمي اليوم بعد اجتماع تكتل " الجمهورية القوية" في معراب، ووفق مصادر "التيار الوطني الحر" و"المردة" و"الاحرار"، والنواب "التغييريين" وبعض المستقلين، فنوابهم سيلبّون الدعوة.
وتقول الاوساط المسيحية انه انطلاقاً من هذا التجاوب الذي لا يمكن ان يلاقي الرفض من قبل النواب المسيحيين، خصوصاً في اسبوع الآلام، وتحت عنوان الاختلاء وقوامه الصوم والصلاة، وسماع كلام الله والتوبة استعداداً لعيد الفصح المجيد، أي ضمن رياضة روحية وسجود أمام القربان المقدس.
وفي السياق، برز موقف للنائب أديب عبد المسيح، الذي أكد حضوره يوم التأمل والصلاة، ممثلاً كتلة "تجدد" بمكوناتها المسيحية والمسلمة، وتمنى أن تشمل الصلوات طقوساً شرقية ايضاً، قائلاَ: "إذا ما قدرنا نوحّد المسيحيين بالسياسة، بركي منوحّد الصلاة كم ساعة". وتمنت الاوساط المسيحية بأن تتحقق امنية النائب عبد المسيح، وامنية البطريرك الراعي بتوحيد موقف النواب المسيحيين، في كل الاستحقاقات العامة.