هيام عيد - الديار
لا تزال ارتدادات وتداعيات الإتفاق السعودي ـ الإيراني تظهر وبشكلٍ يومي، في المواقف التي يعلنها أكثر من فريق سياسي وحزبي داخلي، ما يؤشر إلى أن ملامح المرحلة الداخلية المقبلة ستكون متصلة وفي عدة مجالات بهذا الحدث الإقليمي، الذي يُعتبر الأبرز في منطقة الشرق الأوسط منذ سنوات، وفق ما كشفت أوساط ديبلوماسية مطلعة، ذلك أن التحوّلات التي انطلقت في عدة ساحات في المنطقة، تدل على أن دينامية سياسية مختلفة قد باتت مُنتظرة، وإن لم تكتمل لدى الأطراف المحلية المعطيات الكافية عنها.
وكشفت هذه الأوساط، أن الملف اللبناني عموماً، والرئاسي خصوصاً، لم يغب عن هذه التحوّلات، علماً أن فريقي الاتفاق يتشاركان القلق من الانعكاسات الاجتماعية والأمنية لاستمرار أزمة الشغور الرئاسي، ومعها إطالة أمد الضائقة الاقتصادية، وبالتالي تأخير الإصلاحات المالية المطلوبة من أجل إعادة إطلاق الدورة الاقتصادية في البلاد ولجم الانهيار المتسارع.
ومن هنا، فإن الحوار بهدف الوصول إلى علاقات متينة بين إيران والسعودية ودول الخليج العربي، سيترك ظلالاً إيجابية على مجمل المشهد في المنطقة، وأيضاً على لبنان، حيث الوضع الاقتصادي والمالي يزداد تدهوراً. ولذلك، توقعت الأوساط الديبلوماسية، أن يؤدّي تطوير وتطبيع العلاقات بين إيران والسعودية إلى تأمين كافة المناخات الضرورية، من أجل البحث عن خارطة طريق للحلول في لبنان في سياق سلّة متكاملة، تسمح بنقل الوضع من ضفةٍ إلى أخرى، وليس فقط من خلال انتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية فقط، ذلك أن ملء الفراغ الرئاسي هو حاجة ضرورية لتجنّب الانهيار التام في مرحلة أولية.
ولكن الانتخاب وحده فقط لن يكون كافياً، بحسب الأوساط نفسها، التي اعتبرت أن التأثير الأول للاتفاق السعودي - الإيراني، سيكون تأمين المناخ السياسي الداخلي اللازم من أجل انتخاب الرئيس وتسمية رئيس الحكومة، وتأليف حكومة قادرة على وضع برنامج إصلاحي قادر على تسوية الأزمة التي بدأت منذ العام 2019، وما زالت تتطوّر بشكلٍ كارثي إلى اليوم، في ضوء تخطي سعر صرف الدولار عتبة المئة الف ليرة، ومواصلته المسار التصاعدي في المرحلة المقبلة.
على أنّ الأوساط نفسها، رأت أن الاختبار الأول لهذا الاتفاق سيكون حتماً في اليمن، ولاحقاً لبنان، حيث انّ غالبية التقديرات لدى القيادات السياسية، تُجمع على أن انتخاب الرئيس سيحصل قريباً، وإن كان الموضوع حتى الساعة "داخلي"، كما ورد في مواقف المسؤولين السعوديين والإيرانيين إزاء لبنان، الذين يمتنعون عن التطرّق إلى أسماء المرشحين، ويتحدثون عن المواصفات الواجب توافرها بالرئيس العتيد، معتبرين أن الوصول إلى تحقيق هذا الأمر، يكون عبر تلاقٍ لبناني ـ لبناني على إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وعدم ربط ذلك بالاتفاق السعودي ـ الإيراني.
كذلك، رأت الأوساط الديبلوماسية نفسها، أنه من المبكر الدخول في أي سيناريوهات متسرّعة حول المسألة الرئاسية، إلاّ أنها كشفت أن التوافق الذي لم يتحقّق حتى اللحظة، سوف يساهم الاتفاق المذكور في تسريع الخطى باتجاهه.