نور نعمة - الديار
اتخذ الاستحقاق الرئاسي منحى جديا، بعدما حسم امين عام حزب الله تأييده لرئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، الامر الذي اربك الحلفاء و الخصوم السياسيين. اليوم، علت المتاريس السياسية، وبدأت كل قوى او تيارات تعيد النظر في موقفها وخططها، وفي كل خطوة ستأخذها، بما ان الثنائي الشيعي تخلى عن الورقة البيضاء وسمّى علنا مرشحه.
اعلان السيد حسن نصرالله ان سليمان فرنجية هو المرشح الذي يؤيده الحزب، دفع بـ "القوات اللبنانية" الى تقاطع غير مباشر مع رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل ضد سليمان فرنجية، لان باسيل كان على اعتقاد ان مفتاح الانتخابات الرئاسية سيعطيه اياه حزب الله او على الاقل ان لا يقرر الاخير اختيار مرشح دون التشاور معه. وسيواجه فرنجية معارضة قوية، حيث ان ترشيحه من الثنائي الشيعي رسميا لا يغير شيء في ظل التموضع الحالي، لانه بالكاد يملك 50 صوتأ مؤيدأ له حتى اللحظة، اضافة ان موقف المعارضة وعلى رغم تعدديتها وتباينها، الا انها متشددة وموحدة على قطع الطريق لرئيس جمهورية ممانع على غرار رئيس "تيار المردة".
في الوقت ذاته، لم يتبين حتى الآن اي مؤشرات على اسم آخر في الاستحقاق الرئاسي، ذلك ان المعارضة تريد رئيسا اصلاحيا فعليا وحقيقيا، وبمعنى آخر ترفض رئيسا ممانعا. اضف على ذلك الموقف السعودي الذي اضحى واضحا جدا حيال الازمة اللبنانية، وهو ان المملكة العربية السعودية لن تساعد لبنان الا في حال رممت العلاقة بين الدولتين السعودية واللبنانية ، الى جانب وضع سياسة لبنانية داخلية اصلاحية. هذا الامر لم يحصل في عهد الرئيس عون، الذي لم يتمكن من فرملة الانهيار، وبالتالي ترى المعارضة انه يجب استخلاص العبر من تجربة عهد الرئيس عون، وعليه يجب الوصول الى سلطات دستورية , رئيس جمهورية ورئيس حكومة، وحكومة متجانسة وليس متعارضة لاخراج لبنان من مأزقه. من هنا، يبدو ان مسألة تطيير النصاب لغاية اللحظة امر غير مطروح، لان الفريق الآخر غير قادر على ايصال فرنجية رئيسا للجمهورية.
بالنسبة لـ "التغييريين" ، فالبعض منهم قرأ ترشيح الثنائي الشيعي للوزير السابق سليمان فرنجية بشكل علني، بانه نوع من وفاء لفرنجية من قبل حزب الله لسياسته ومواقفه الوطنية. ويرى البعض الآخر منهم ان حزب الله سيقول لفرنجية انه قام بواجبه تجاهه، غير انه لم يتمكن من اقناع المكون المسيحي بتأييده، كما لم يستطع تأمين له الاصوات الكافية لايصاله الى قصر بعبدا. والحال ان الرئيس بري لا يخرج عن الميثاقية في كل الجلسات، حتى في الجلسات المشتركة، كما ان السيد حسن نصرالله اعلن تأييده لفرنجية غير انه ترك باب المفاوضات مفتوحا في السباق الرئاسي.
اما التطور الاهم في المشهد اللبناني، هو ان قنوات الاتصال الجدية للاستحقاق الرئاسي قد فتحت، وبدأ العد العكسي لانتخاب رئيس للجمهورية نتيجة حصول تطورين مهمين. التطور الاول هو قيام حزب الله بسحب "الفيتو" من يد النائب جبران باسيل عبر ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. والتطور الثاني هو ان فريق الثنائي الشيعي مع حلفائه وضعوا اسم مرشحهم الرئاسي على الطاولة على غرار الفريق الآخر الذي يدعم النائب ميشال معوض.
وانطلاقا من ذلك،حدث نوع من توازن سياسي في المجلس النيابي، حيث ان هناك مرشحين للرئاسة هما معوض وفرنجية، وكلاهما لا يمكنهما الحصول على النصاب الدستوري في الدورة الاولى والثانية لجلسات انتخاب رئيس للجمهورية.
وفي التفاصيل، هناك حوالي 45 نائبا لحزب الله و"امل" وحلفائهم ، اما المعارضة التي تلت بيانها وقرأه النائب وضاح صادق لديها بين 45 و50 نائبا، في حين بقي ثلاث كتل لم تعلن عن موقفها حتى الآن، الا ان "لبنان القوي" انسحب من تحالفه مع حزب الله ، بينما يسعى "اللقاء الديموقراطي" ان يبقي على تعاونه مع الرئيس بري، ولكنه لا يزال متمسكا حتى الآن بالمبادرة التي طرحها، والتي ضمت عدة اسماء للرئاسة.
باختصار، ميشال معوض وسليمان فرنجية ليس لديهما حظوظ في الوصول الى قصر بعبدا، وهذا يفتح الطريق الى تسوية رئاسية تكون قريبة .