ميشال متّى
جهارةً أعلنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله: "المرشح الطبيعي الذي ندعمه لرئاسة الجمهورية هو سليمان فرنجية". اعلان نصر الله هذا، أتى على بعد أيام من اعلان مماثل جاء على لسان رئيس مجلس النواب نبيه برّي، متمنيا ان تحفّز هذه الخطوة سائر الاطراف على تقديم مرشحيهم والذهاب الى المجلس و"لينجح من ينجح". هذان الاعلانان حرّكا المياه الراكدة في مستنقع الاستحقاق الرئاسي. وتجّلى هذا الأمر عبر جملة المواقف التي أتت بعد كلمة نصر الله من جهة، وحركة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري التي استهلها بزيارة صباح اليوم الى بكركي من جهّة اخرى. فما الذي تبدّل حتى أعلن الثنائي الشيعي تبني ترشيح فرنجية علنيةً؟ وكيف سيتعامل مع الاستحقاق في قابل الايام بظلّ الانقسام الوطني حول اسمه؟ وهل التسمية هدفها حرق فرنجية للذهاب نحو شخصية جديدة؟
الاعلامي حسين مرتضى اشار في حديث لـvdlnews، الى ان "لا اعتقد ان سياسة حزب الله هي سياسة حرق اسماء ولا هذه اخلاقه"، لافتا الى ان "القرار بدعم ترشيح فرنجية جدي، وربما نشهد خلال الايام القادمة مواقف واضحة لفرنجية لاعلان ترشيحه رسميا اذا رأى ان الامر يتطلب ذلك".
ولفت مرتضى الى انه "من شأن هذا الامر تحريك الملف الرئاسي في ظل المقاربات التي تحدث عنها السيد نصر الله وتحديدا ما له علاقة بالتطورات التي تشهدها المنطقة، في ظل الانشغال الدولي بالملفات وغياب لبنان من سلمّ الاولويات".
واضاف: "من هذا المنطلق اعتقد ان الدعم لفرنجية كان هدفه حثّ الكتل للتوافق واعلان كل منها مرشحها للوصول الى نتيجة في هذا الملف".
وعن الاشارات الايجابية التي تكرّرت على لسان من يدور في فلك 8 آذار في الايام الماضية التي اوحت بتبدلات طرأت على الملف وادت الى تحريكه، قال مرتضى: "لا اعتقد ان هناك تبدّلاً قد طرأ ودفع السيد نصر الله الى اعلان دعم ترشيح فرنجية، انما اشارات معينة من بعض الدول الاقليمية والجهات المرتطبة بالسفارات التي جالت على المسؤولين، والتي اوحت بعدم اعتراض على اسم فرنجية".
وعما اذا كان الرئيس بري سيدعو لجلسة قريبة، اعتبر مرتضى ان "موضوع الدعوة مرهون ببعض الاتصالات، والاولوية اليوم هي للحوار وهو الامر الذي سيسرّع هذه الدعوة، سنكون امام حراك رئاسي مطلع الاسبوع المقبل وعلى ضوئه يُحدّد موضوع الدعوة للجلسة من عدمها".
وعن المشهد الرئاسي في المرحلة القادمة، رأى مرتضى أن "هناك حالة انقسام كبيرة جدا والسيد نصر الله اصرّ على موضوع الانتخاب بنصاب الثلثين الذي شكّل رسالة مفادها التأكيد انه لا يمكن تجاوز أي مكون لبناني وان التوافق يجب ان يتم"، مشيرا الى ان "الامر قد يتطلب اسابيع واشهر حتى تتبلور الاصطفافات البرلمانية التي ستأتي بالرئيس الجديد".
واضاف: "نعيش حالة انسداد في الملف الرئاسي وهذا الامر له انعكاسات والمطلوب في المرحلة القادمة ان يكون هناك مرونة في التعاطي بالملف وربما طرح اسماء جديدة لخرق الجدار التفاوضي للوصول الى اسم يتفق عليه".
ولدى سؤاله عن امكانية الذهاب نحو مرشح وسطي بعيدا عن الاصطفافات، قال مرتضى: "لا يمكن طرح الخطة "ب" الأن طالما اننا لازلنا في بداية الخطة "أ"، وهذا ما اشار اليه السيد نصر الله، وحزب الله وبري لم يطرحوا الخطة "أ" للذهاب الى "ب" وهم جديين بطرح فرنجية، انما في الوقت عينه هناك مرونة في التعاطي نظرا للاوضاع الصعبة التي تمرّ بها البلاد وعلى رأسها الوضع الاقتصادي الذي قد يجرّ البلاد الى وضع امني لا تحمد عقباه ".
على المقلب الآخر، رأى مسؤول جهاز الاعلام في حزب القوات اللبنانية شارل جبّور، ان "نصر الله يتمسك بترشيح فرنجية منذ اللحظة الاولى وعبّر صراحة عن هذا الامر بالجلسة التي عقدت بينه وبين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل".
ورأى جبّور أن "ظروف ايصال فرنجية غير متوفرة، بدءا من حالة الفريق الممانع غير الموحّد بظل رفض باسيل انتخاب فرنجية، مرورا برفض المعارضة الاتيان برئيس ممانع على رغم تعدديتها، وصولا الى الحالة الخارجية وتشديد المجتمع الدولي على انه لن يمد يد العون للبنان في حال انتخاب رئيس ممانع وبقاء البلد تحت سيطرة حزب الله".
وأشار جبّور الى انه "لا يوجد أي معطى متبدّل جعل نصر الله يُخرج ترشيحه من المضمر الى المعلن"، لافتا الى انه "لا يمكن تفسير هذا الاعلان الا بأمر من امرين: اما ان نصر الله يستدرج عروضا مع الولايات المتحدة الاميركية للقول نحن نحرس الانتخابات الرئاسية بهدف المقايضة والمفاوضة للاتفاق على البدائل التي تسمح بانتخاب رئيس، واما نقل كرة النار من حضنه الى حضن فرنجية لاحراجه فاخراجه".
وعن السيناريو المرتقب في حال دعا بري الى جلسة جديدة للانتخاب، شدّد جبّور على انه "حتى لو دعا بري الى جلسة فلن يكون هناك تبدّل في المعطيات" معتبرا ان "الفريق الاخر يحاول ايهام اللبنانيين بان الامور تبدّلت انما هو غير قادر على تأمين اكثر من 50 صوت كحد اقصى واي رئيس لفريق الممانعة سيكون بمثابة ورقة محروقة منذ اللحظة الاولى".
وعن الخيارات المطروحة في الملف الرئاسي في المرحلة المقبلة، رأى جبّور انه "نحن امام خيارين، اما استمرار الفوضى والانهيار والشغور الامر الذي سيقود عاجلا ام اجلا الى مؤتمر وطني كبير لاعادة النظر بمسألة حزب الله وسلاحه الذي يعيق قيام دولة فعلية في لبنان، واما الذهاب الى انتخابات رئاسية واختيار شخصية غير خاضغة لمحور الممانعة وتستطيع القيام بالاصلاحات المطلوبة".
ولفت في هذا السياق الى ان "المعارضة نجحت بأن تكون حاجزا امام استمرار خطف الممانعة لمؤسسات الدولة والانتخابات قطعت طريق القصر الجمهوري امام حزب الله وحدود نصر الله بين حارة حريك وعين التينة".
كل المعطيات تشي بأن ملء الفراغ في سدّة الرئاسة الاولى لا زال بعيد المنال، والامور تحتاج الى مزيد من الاخذ والردّ حتى تنضج "الطبخة" وتتظهر صورة واسم قاطن قصر بعبدا المستقبلي، والاكيد انه اذا بقيت الاصطفافات على ما هي عليه اليوم، فكل الاسماء المطروحة حاليا سيتم استبدالها باخرى لا تزال قيد الكتمان.