أعلن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، في كلمة له خلال مراسم مغادرته المديرية، أنّ "في مناسبة مغادرة المديرية كان لا بد أن اجتمع معكم. الشعب اللبناني يؤمن أن المديرية تستطيع أن تعيد أي حق لصاحبه. بعض الأحيان أخفقنا بسبب ظروف تفوق قدرتنا، وفي بعض الأوقات أصبنا".
في كلام وجهه للعسكريين في المديرية قال اللواء ابراهيم:"إنّ الأمانة بين أيديكم. حافظوا عليها وبيتكم في اللوج. أنا معكم أينما كنت، ولا أترك فيكم إلا روح الجرأة والمقاومة ويجب أن تبقى فيكم”، مشددًا على أنّ مدير عام الامن العام بالوكالة العميد الياس بيسري، أكثر من يمكن أن يحافظ على الأمانة، وكل مدير وأنتم بخير".
وجاء في الكلمة
ايها العسكريون
اثنتا عشرة عاما انقضت في مسيرتي في المديرية العامة للامن العام، كانت ولا زالت حافلة بالتحديات الجسام، استطعنا تطويعها بالفكروالعزم والارادة تحت سقف المصلحة اللبنانية العليا.
اثنتا عشرة عاما تختصر مسيرة في عمر الامن العام، حيث الارتقاء الى الخدمة والتضحية. عملنا تحت سقف القانون، قمنا بمهام متعددة، نجحنا في مضامير ولم تسعفنا التعقيدات في مضامير أخرى.
لم نستسلم، كان لنا دور اساسي على مختلف الصعد والمستويات، وكانت لكم تضحيات تجلت في الاستشهاد ذودا عن لبنان واللبنانيين.
ايها العسكريون
ما حققناه من نجاح كان نِتاج العمل الجَماعي والمتخصص والهادف، يعود هذا النجاح اليكم، إذ قدمتم النموذج في بناء المؤسسات واستمرارها وتطورها، من خلال التزامكم القانون والاخلاقية الوظيفة.
هي حقبة عِشناها في ظل ظروف كارثية على الوطن وضمنه الامن العام. بدأت مع طلائع النزوح السوري ومواجهة هذا التحدي الكبير ومعالجة اثاره الكارثية على كافة الصعد، نتيجة التدفق الكبير لاعداد النازحين الذين دخلوا لبنان جراء الحرب السورية، الى التصدي للتنظيمات الارهابية التي حاولت ان تعيد لبنان الى زمن الفتنة والتشرذم والتفكك، فعاثت في الارض ارهابا اجراميا استهدف بنية الدولة وشعبها الآمن، مع اولوية الاستمرار في المواجهة المفتوحة مع العدو الاسرائيلي، الذي ما انفك يستهدف ساحتنا بعمليات التجنيد للجواسيس والعمل على ضرب كل نقاط قوة لبنان.
ايها العسكريون
لاننا نؤمن بأن لا قيامة من دون تضحية، فان تحديات كبيرة لا تزال تنتظركم داخليا واداريا، في مقدمها كيفية الحفاظ على مؤسسة الامن العام وتطويرها وتعزيز اداء العسكريين فيها، في موازاة تأمين الخدمات المطلوبة، وجبه التحديات الامنية وكل ما هو يهدد لبنان ونظامه وعيشه الذي يترنح في ظل استحضار خطاب التحريض الطائفي والمذهبي، ولغة العنف وبث الكراهية، ناهيك بالارهاب التكفيري والجرائم المنظمة، خصوصا تلك التي تستهدف تدمير الاجيال الصاعدة من خلال آفة المخدرات وضرب مفاهيم المجتمع المبنية على الاخلاق والقيم والحق الانساني. فالمحافظة على الانسان وقيمته الوجودية مسؤولية كبيرة جدا وواجب كونهما يحددان مستقبل الوطن وقوته ومناعته ويرسمان اطر العلاقة بين مكوناته.
ايها العسكريون
اعلموا أن الأزمات المستعصية التي تلفّ المنطقة والعالم بأسره، وعدم وجود آفاق واضحة للخروج منها في المدى القريب، إلى جانب استمرار الانقسامات الداخلية المريبة التي تسبّبت بالشغور الرئاسي وحالت دون انتظام عمل المؤسسات الدستورية، ومنعت تداول السلطة كما يوجبه الدستور، كلها عوامل تتطلب منكم أكثر من أيّ وقتٍ مضى رصّ الصفوف والجهوزية الكاملة للحفاظ على وحدة الوطن وسلامة أراضيه ومسيرة سلمه الأهلي، واضعين نصب العيون أنّ قوّة مؤسستكم تكمن في حمايتها وصونها للبقاء على وحدتها وتماسكها، وفي التفاف الشعب حولها، والتزامها تطبيق القوانين والتعليمات التي تصون الدولة ومؤسساتها.
ايها العسكريون
لبنان أحوج ما يكون الى اطلاق حوار وطني حول القضايا التي تشغل المواطنين، واي خلاف في وجهات النظر لا يمكن ان يحل الا بالحوار الذي يجب ان يكون ميدانه المؤسسات الشرعية والدستورية القائمة. هذا ما يجب ان يكون عليه الخيار، اما الرهانات فقد تُعرّض الوطن للشلل والسقوط، وتشرّع أبوابه للتدخلات الخارجية. فهل نقفز فوق الدستور والقوانين وروح التوافق خدمة لرؤية خاصة ومصلحة ذاتية ووصاية خارجية، تقسم أبناء الوطن بدل ان توحدهم؟
ايها العسكريون
أدعوكم اليوم الى الاستمرار في العزيمة ذاتها لتطوير المؤسسة التي نقلناها الى مصاف مثيلاتها في الدول المتطورة، وان لا تهنوا او تضعفوا لان الاستمرار هو نهج حياة وسمتها. أدعوكم إلى ترسيخ إيمانكم بهذا الوطن، فأنتم من حماته من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، ومن البحر إلى الحدود الشرقية. أنتم من نبض عنفوانه وضمان استمراره وأمل غَدِه الواعد.