كان الفن دائما بما في ذلك السينما والتلفزيون والمسرح، أداة سحرية في يد الإنسانية للاستمتاع والإبداع وسمو المجتمع، إلا أن التاريخ حافل بأعمال فنية أثارت العديد من الأزمات السياسية بين الدول.
ويختلف الناس والمجتمعات في رؤيتهم وتقبّلهم للأعمال الفنية، التي يحمل بعضها رسائل سياسية قد ثير ضجة وخلافا بين الأطراف، بما في ذلك في الشرق الأوسط الحافل بالتوترات والتقلبات.
وفي هذه السطور نلقي الضوء على أفلام ومسلسلات تجاوز عرضها حاجز الامتناع، وأثارت خلافات بين دول المنطقة.
"أبو لؤلؤة" و"معاوية"
شباط 2023: ضجة واسعة شهدها العراق على خلفية إعلان قناة "الشعائر" الفضائية الممولة إيرانيا، عزمها إنتاج فيلم "شجاعة أبو لؤلؤة النهاوندي"، والذي جاء ردا على إعلان قنوات "إم بي سي" السعودية" بث مسلسل "معاوية بن أبي سفيان" في شهر رمضان.
أثار الإعلان عن عرض الفيلم غضبا واسعا في العراق والدول العربية لا سيما بين المكون السني، ما دفع "هيئة الإعلام والاتصالات" العراقية (مستقلة) إلى الدخول على الخط في محاولة منها لمنع إثارة المشاعر الطائفية.
ووافقت قناة "الشعائر"، على طلب هيئة الإعلام بوقف إنتاج الفيلم الذي يشارك فيه ممثلون من العراق وإيران وسوريا ولبنان، بشرط تراجع "إم بي سي" السعودية" عن بث مسلسل "معاوية بن أبي سفيان".
انتهت الأزمة "ولو مؤقتا"، بإعلان المجموعة السعودية أنها لا تعتزم طرح المسلسل الذي يلعب بطولته إياد نصار "علي بن أبي طالب"، أو أيمن زيدان، وسامر المصري، على "إم بي سي العراق".
وكانت شخصيات سياسية عراقية قد دخلت على خط الأزمة واستهجنت عرض المسلسل والفيلم على حد سواء.
وقال رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر إن "بث مثل هذه المسلسلات مخالفا للسياسات الجديدة المعتدلة التي انتهجتها السعودية".
وأضاف في بيان أن مسلسل "معاوية - وفيلم "أبو لؤلؤة": "كلاهما باطل ومثير للفتنة، ولا تمثل (الشخصيتان) السنة والشيعة".
"المهلب بن أبي صفرة"
تشرين الثاني 2020: يدور الحديث عن مسلسل إماراتي يروي قصة -القائد التاريخي إبان حقبة الأمويين- الذي وُلد في سلطنة عمان.
أثار المسلسل خلافا بين الإماراتيين والعُمانيين؛ حيث يرى العمانيون أن أبو ظبي تحاول السطو على تاريخهم بنسب هذه الشخصية إليها.
"أبو عمر المصري"
آيار 2018: هاجمت وزارة الخارجية السودانية مسلسل "أبو عمر المصري" الذي عرض آنذاك في شهر رمضان بطولة الفنان أحمد عز، وقالت إنه يصور الأراضي السودانية على أنها "مرتعا للإرهابيين".
الخرطوم طالبت وقتها من السلطات المصرية المعنية بـ "اتخاذ القرار المناسب" لوضع حد أمام ما سمتها "محاولات البعض العبث بمصالح ومكتسبات البلدين".
واعتبرت الخارجية أن "هذا المسلسل المسيء للمواطنين المصريين القادمين والمقيمين بالسودان ما هو إلا محاولة عبثية لضرب الثقة وشل التواصل بين الشعبين الشقيقين ومن المؤكد أن مصير هذه المحاولة البائسة الفشل الذريع".
ولاحقا، استدعت وزارة الخارجية السودانية، السفير المصري لديها لتسلمه احتجاجا على العمل الدرامي الذي يتناول وجود إرهابيين مصريين على أراضي السوادن.
"حارة اليهود"
حزيران 2015: أثار المسلسل المصري من بطولة منة شلبي وإياد نصار غضب إسرائيل، وقالت السفارة الإسرائيلية في بيان وقتها: "شعرنا باﻷسف الشديد خلال متابعتنا لمسلسل حارة اليهود"، معتبرة أن "المسلسل بدأ يأخذ مسار سلبي وتحريضي ضد دولـة إسرائيل"، معتبرة أنه "استخدم الشخصيات الإنسانية ليهود الحارة، كقناع ليعادي دولة إسرائيل وكأنها عدو وحشي يريد أن يفتك بالجميع".
"فارس بلا جواد"
كانون الثاني 2002: أثار المسلسل التاريخي المصري الذي لعب بطولته محمد صبحي غضبا واسعا في إسرائيل امتد إلى أروقة الأمم المتحدة، بعدما تناول ما سمي بـ "وثيقة حكماء صهيون".
ودعت إسرائيل مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لتوجيه اللوم إلى مصر بزعم معاداتها للسامية من خلال عرض مسلسل "فارس بلا جواد" الذي يتحدث عن وثيقة يعتقد أنها مزيفة تهدف إلى إثبات أن اليهود خططوا للهيمنة على العالم.
وقال المندوب الإسرائيلي يعقوف هاليفي إن "الافكار القبيحة للوثيقة المزورة الخاصة بالقرن التاسع عشر تروج مرة أخرى على نطاق واسع" في المسلسل المصري.
كما ادعى المندوب الاسرائيلي أن مصر بإذاعتها لهذا المسلسل تنتهك العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي يحظر نشر الكراهية الدينية أو العنصرية والاتفاقية الدولية المناهضة للعنصرية اللذين وقعت مصر عليهما.
"الواد بلية ودماغه العالية"
تموز 2000: احتجت السفارة اليمنية بالقاهرة لدى رئيس الرقابة على المصنفات الفنية على مشهد في الفيلم الذي لعب بطولته محمد هنيدي، واعتبرته "إساءة بالغة للشعب اليمني".
وطالبت السفارة وقتها بالاعتذار عن هذه "الإساءة" وحذف المشهد من قبل الشركة المنتجة.
وقالت في بيان: "بينما نتصدى كعرب لحملة يقصد منها تشويه صورة الإنسان العربي اليمني في السينما الأميركية (..) إذ بنا نفاجأ بإساءة أخرى موجهة الى الشعب اليمني من خلال الفيلم المصري".