العربية
على الرغم من مرور أكثر من أسبوعين على الزلزال الكبير الذي دمر مدينة أنطاكية التركية والذي تبعه زلزال كبير آخر، لا يزال مصطفى قزاز يمكث بالقرب من أنقاض مبنى أسرته المنهار، رافضاً التحرك حتى بعد انتهاء البحث عن جثامين والده وشقيقه وأخته.
وجلس قزاز وحيداً وسط الظلام على الأرض أمام المبنى الذي كانت تعيش فيه أسرته، وقال "لقد عملوا (عمال الإغاثة) لفترات طويلة ونبشوا المبنى بأكمله"، بحسب تقرير لوكالة رويترز.كما أضاف "أخبروني أن العمل قد انتهى. لم يعد هناك أحد. يقولون لي إن أخي وأختي وأبي ليسوا هنا. كيف يمكن ذلك؟".
وفي أثناء جلوسه على كرسي بجوار خيمة يبيت فيها منذ 15 يوماً، قال قزاز وهو يمسك رأسه ويبكي "سأنتظر هنا طوال حياتي. لن أغادر".
وأضاف "كنت أعرف ما لا يقل عن 250 شخصاً في هذا الشارع. الآن جميعهم لقوا حتفهم" في إشارة إلى شارع رئيسي في أنطاكية حيث كانت تعيش أسرته.
عائلته في أنطاكيا
ووصل قزاز (25 عاما) إلى تركيا قادماً من سوريا مع أسرته منذ خمس سنوات وانتقل للعيش في إقليم طرابزون شمال شرق البلاد حيث كان يعمل مترجماً في قطاع السياحة. وزار أنطاكيا في اليوم السابق للزلزال من أجل الاطمئنان على أسرته لأول مرة منذ سنوات.
وقال "عملت ثلاث سنوات في طرابزون وادخرت أموالاً حتى أتزوج. حولت والدتي كل شيء إلى ذهب وتركته كله في المنزل. (الآن) سأبدأ من الصفر".
إلى ذلك، سارع قزاز إلى أنطاكية عندما سمع أخبارا عن وقوع الزلزال الأول، وأشار إلى أنه انتشل أخته ووالدته من تحت الأنقاض بمفرده دون مساعدة من أحد.
البحث بين الأنقاض
وأظهر مقطع مصور الشاب وهو يدخل من فتحة ضيقة بين السقف المنهار والأرض ولم يكن يظهر منه سوى قدميه.
وقال إن والدته كانت قد لاقت حتفها بالفعل عندما أخرجها وتوفيت أخته بعد خروجها بفترة قصيرة. وفي مقطع مصور آخر، كان قزاز يشير إلى جثمان أخته التي كانت مغطاة ببطانية وردية اللون.
كذلك أضاف "كنت أعيش من أجلهم. أشعر الآن كما لو أنني ولدت للتو. لا يوجد معي أحد. لا يوجد معي مال. ليس لدي أي شيء. لا يوجد مستقبل أو منزل".وقف أعمال الإنقاذ
وأعلنت السلطات انتهاء أعمال الإغاثة في عشرة أقاليم ضربها الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 درجة في السادس من فبراير شباط وأودى بحياة أكثر من 47 ألف شخص في جنوب تركيا وشمال سوريا.
وانهارت عدة مبان أخرى عندما وقع زلزال عنيف آخر في مدينة هطاي يوم الاثنين، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص وأدى إلى استئناف أعمال الإنقاذ.لكن جهود الإنقاذ توقفت أمس الثلاثاء وأصبح وسط مدينة أنطاكية يشبه المكان المهجور.
ولم يبق على الأرض سوى الطين الذي خلفته الحفارات بينما كانت تزيل حطام المباني المنهارة.