لا يزال الاستعصاء السمة الغالبة على الاستحقاق الرئاسي بالنظر الى الجمود الذي يطبع موقف القوى ذات التأثير الأكبر، في طليعتها حزب الله.
لكن ما لفت في الآونة الأخيرة إضطلاع جهات محسوبة على الحزب بدور نقل رسائل، مباشرة وبالتواتر، أبرز ما فيها أنه لا يزال ينتظر من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لائحة بأسماء مرشحين للرئاسة للنقاش والتحاور الثنائي في شأنها.
وكان الوفد الذي زار باسيل في ٢٣ كانون الثاني الفائت، وقوامه المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين خليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق وفيق صفا، قد سأله أن يقترح مرشحيه للرئاسة، لكن رئيس التيار فضّل التريث وعدم الخوض في الأسماء، ربما رغبة منه في عدم كشف كل أوراقه دفعة واحدة.
في حينه لم يُبدِ الوفد إشارة واضحة الى أن الحزب في صدد الانفتاح على نقاش من خارج خيار مرشّحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، لكن طلب الأسماء هو في حد ذاته مؤشر.
ومن ثم فَرَض تسلسل الأحداث التي اتخذت انعطافة يصح وصفها بالدراماتيكية عقب الإجتماع الخماسي في باريس، اتجاها مغايرا لدى الحزب يحمل نذر استعداد للحوار في خيار جديد أو أكثر، من دون أن يجاهر بسقوط خيار فرنجية.
وعُلم أن الحزب جدّد سؤال باسيل عن الأسماء، وهو يُلحّ للحصول عليها، ما اعتُبر مؤشرا الى استعداده مغادرة خانة فرنجية في حال وقع على مرشّح يتطابق والمواصفات التي وضعها، لكن الأهم أن يشكّل مساحة تقاطع وتوافق مع الخارج، ويُسهم في إعادة ربط لبنان بالخارج العربي والغربي.
ما يعزّز هذا الانطباع تغريدة لافتة لنائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم نعت حظوظ أي مرشّح تحدي، وهي في النهاية صفة تنطبق على فرنجية ولا تَحِيْد عن قائد الجيش العماد جوزاف عون.
فهل اقتنع الحزب عمليا باستحالة انتخاب فرنجية؟ وما هي الصفات التي يرضى بها الحزب؟
تعتبر مصادر سياسية رفيعة أن حزب الله ينتقل تدريجا، على الأرجح، من مربّع فرض مرشّح أوحد الى خانات أخرى حيث اللاعبون هم من الطراز التوافقي ويمكنهم أن يحظوا بتوافق داخلي في حدّه الأدنى وغطاء خارجي عربي وغربي، بالنظر الى أن الحزب على يقين بضرورة أن يوفّر للعهد العتيد انطلاقة خارجية سليمة تؤهله بداية رفع الحصار عن لبنان.
وتشير المصادر إلى أن إلحاح الحزب على باسيل لنيل لائحة إسمية قد يُشكّل المخرج الذي يلزمه للخروج من الخيار الرئاسي المقفل بأن يقول لفرنجية بأنه أدى قسطه للعلى وأنه اصطدم بممانعة داخلية وخارجية وتعثّر حليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري في تأمين الـ٦٥ نائبا الذين يقودونه الى رئاسة الجمهورية. ولا بد تاليا من التوجّه الى خيار جديد يطمئن الحزب استراتيجيا ويجمع في الوقت نفسه الأصوات اللازمة للعبور الى بعبدا مقرونا بالاحتضان الخارجي المطلوب.
وتلفت الى أن الحزب يعوّل على أن تحمل لائحة باسيل، في حال قرّر الإفراج عنها، أسماء تريحه وفي الوقت نفسه تحظى بقبول داخلي وغطاء خارجي، من طراز النائب فريد البستاني كخيار وفاقي بعيد من التحدّي، يحمل مشروعا سياسيا واقتصاديا اصلاحيا واضح المعالم، ويعوّل على فريق عمل رئاسي وحكومي وإداري يستجيب والتوجهات الإصلاحية ولما حمله اجتماع باريس الخماسي من متطلبات يفي البستاني غالبيتها.
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا