فادي عيد - الديار
ما زالت الانتخابات البلدية والاختيارية عالقة بين السندان القانوني والمطرقة السياسية، بحيث ينقل بحسب المعلومات، أن معظم النواب الذين التقوا بوزير الداخلية بسام المولوي غير متحمّسين لإجراء هذا الاستحقاق، وذلك ما أفضوا به أمام الوزير وفي سائر لقاءاتهم، على خلفية أنهم لا يرغبون بالتورّط في هذا الإستحقاق البلدي، بمعنى حفاظهم على علاقاتهم مع جميع العائلات، نظراً الى دقة وحساسية الوضع القائم، وكيلا يكونوا طرفاً أو يؤيدون هذا المرشح وذاك، لا سيما في هذه المرحلة البالغة الدقة.
وفي السياق، تضيف المعلومات، أن آخر السيناريوهات حول الاستحقاق البلدي ما زالت غير واضحة المعالم، فوزير الداخلية الذي أجرى الانتخابات النيابية وبنجاح، ودون تسجيل أي إشكالات أمنية، قادر على تكرار التجربة بلدياً واختيارياً، إلا أن الأزمة تكمن في توفير الإعتمادات المالية. أما العامل الأبرز فيكمن في القرار السياسي، وبمعنى أوضح أن القضية مرتبطة مباشرة برغبة وتغطية سياسية، بعيداً عن الاجتهادات القانونية والدستورية. فثمة من يرى ضرورة إجراء الانتخابات البلدية بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهناك من يرى أنه لا مشكلة قانونية، أو ثمة ما يعيق حصولها ولو خلال فترة الشغور الرئاسي، بحيث أن حكومة تصريف الأعمال، ومن الناحية الدستورية، قادرة على القيام بكل ما يتعلق بإجراء هذه الانتخابات، فيما البعض يعتبر أن الحالة السياسية والأمنية والاقتصادية، وما يمرّ به البلد من أزمات، لا يسمح في مثل هذه الظروف الاستثنائية إرهاق الناس وخلق إشكالات وأزمات داخل القرى والبلدات من خلال الصراعات العائلية والحزبية.
وبالتالي، تابعت المعلومات، ومع ترهّل البلديات وإفلاس معظمها، وعدم قدرتها على القيام بواجباتها الإنمائية ورعاية شؤون الناس، فثمة بلديات شبه متوقفة عن العمل، وأخرى فقدت شرعيتها بعد استقالات عدد من أعضائها، إلى حلّ عدد كبير من البلديات، ما يعني أنها أصبحت في عهدة القائمقام وتتبع مباشرة لوزير الداخلية.
من هذا المنطلق، أكدت المعلومات، أن ثمة أزمة كبيرة مع اقتراب شهر أيار، الموعد المحدّد لإجرائها، وسط تساؤلات هل يتم التأجيل للمرة الثالثة؟ مع الإقرار بأن هناك ضرورة لإعادة تكوين السلطة المحلية من خلال انتخابات جديدة، وبالتالي، وإن كان وزير الداخلية يؤكد لمن يلتقيه بأن هناك جهوزية لدى وزارته للقيام بواجبها، ولكنه يستطرد بأن ذلك بحاجة إلى قرار كبير من سائر المرجعيات السياسية للتأكيد على حصول الاستحقاق البلدي في موعده المحدد.
ماذا يقول القانون حول هذه المسألة؟ هنا، يشير مرجع قانوني الى انه من الثابت أن البلديات تنتهي في 31 ـ 5 ـ 2023، أي أننا على مسافة ثلاثة أشهر في الحدّ الأقصى، لنهاية ولاية البلديات، هناك عدة حلول مطروحة في هذا السياق، فإما أن يصار إلى إجراء الاستحقاق البلدي، وهنا لا داعي عملياً الذهاب إلى المجلس النيابي، لأن إجراء الإنتخابات وفق الأصول هو دور الحكومة ووزارة الداخلية تحديداً، لكن المشكلة المطروحة، أن الاعتمادات غير متوافرة، لأن وزير الداخلية طلب 9 مليارات ليرة، في حين أن الاستحقاق البلدي يتطلب 11 مليار ليرة، وقد تمكنت وزارة الداخلية من تأمين ملياري ليرة، وتبقى أن تؤمن 9 مليار، وهذا المبلغ غير موجود في موازنة 2022. وثانياً هذا المبلغ ليس متوافراً حتى في احتياطي الموازنة لتتمكن الحكومة من التصرّف به، وثالثاً ان موازنة العام 2023 لم تُقَرّ بعد حتى تاريخه، وبالتالي، فتح الاعتماد بحاجة إلى قانون.
ولهذا، تابع المرجع القانوني، هناك ضرورة الذهاب إلى المجلس النيابي لفتح اعتماد لهذه الانتخابات، والاستثناء لهذا الموضوع هو أن تأتي مساعدات خارجية من جهات واهبة، أي منظمات ترعى عملية تداول السلطة، فإذا تأمّنت الهبة اللازمة، عندها نحن بحاجة فقط الى حكومة لقبول هذه الهبة، لأنه سنداً لقانون المحاسبة العمومية، وتحديداً المادة 52، لا يمكن قبول الهبة إلا بمرسوم. وبالتالي، هذا هو واقع الحال، وإلا إذا كان سيتم إرجاء هذه الانتخابات اليوم، الأمر بحاجة إلى قانون، لأنه عملياً هذا الأمر يصدر بقانون وليس من قبل الحكومة، التي هي ملزمة بإجراء الانتخابات، ولكن العقبة التي أمامها هي تأمين الاعتمادات، فإما تؤمن بقانون من مجلس النواب، وإما أن تؤمن بواسطة هبة.