بدأت شعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي عمليات دهم على منازل العاملين في أمانة السجل العقار في دائرة كسروان – جونية، وهذه الحملة طالت جميع الموظفين، وتمكنت المعلومات من توقيف شخصين فقط من أصل نحو 20، فيما الباقون باتوا في مناطق بعيدة واما خارج لبنان، وذلك بسبب التجربة السيئة مع القضاء في هذا الملف، اذ ان هناك اشخاصا مصابين بالسرطان وابرياء لا يزالون في السجون من دوائر بعبدا والشوف وعاليه والمتن الشمالي، كما ان هناك اشخاصا برّأهم قاضي التحقيق ولا يزالون في السجن لقرارات اعتباطية.
الموظفون فقدوا الثقة بالقضاء وحالهم كحال الشعب اللبناني كله، فما يحصل في القضاء مهزلة حقيقة في كل الملفات. بات لدينا في لبنان أكثر من قضاء فكل سياسي يحرك القاضي الذي يريده، لأن القضاة يدعون عليهم بجرائم عالية جدا مثل تبييض الاموال وسرقة المال العام. وبالنسبة لموظف عامل على الفاتورة وموظف فئة رابعة لا تطال يديه لا صناديق الدولة ولا مشاعاتها، الظلم الواقع كبير فهؤلاء يعملون على الكمبيوتر في اصدار الافادات العقارية ولا يمكنهم لا التزوير ولا تأخير المعاملة ولا قبض الرشاوى، وأكثر ما فعلوه هو اخذ إكرامية ربما، وهم لم يسرقوا مالا عاما كما يفعل كبار الدولة وحكامهم.
رئيس الدوائر العقارية جورج معراوي الذراع الأيمن المسيحي لحركة أمل الشيعية يجلس متفرجا على المؤامرة بحق الدوائر في المناطق المسيحية متسلحا بقوة ربيبه المرشح الرئاسي التغييري رئيس تيار المردة سليمان طوني فرنجية، فالسكوت عن الحق جريمة، كما انه في حال وجود الفساد لكل تلك السنوات في الدوائر العقارية ومديرها العام ساكت فهذا يعني امور كثيرة أبرزها أن "الدرج يشطف من فوق".
العاملون في الدوائر رواتبهم لا تتعدى المليون ونصف المليون ليرة اي ثمن صفيحة بنزين واحدة للوصول الى عملهم طيلة الشهر، فهل حقق القاضي بأسباب تقديم السماسرة المازوت لتلك الدوائر لمرات عدة؟ ومن المستفيد؟ واصلا لماذا تسمح وزارة المالية بوجود سماسرة امام دوائر عقارية؟ أليس هؤلاء من عاثوا في الدنيا فسادا؟
لا يمكن للقضاء ان يصدق السماسرة ووشاياتهم لتخليص أنفسهم من افسادهم للدوائر العقارية. بعض الموظفين في العقارية لا يملكون لا املاكا ولا سيارات ولا اموالا وهم فقراء وحالهم كحال جميع الموظفين، والمدراء العامون هم من ينعمون بالثروات والاراضي والسيارات. فهل حقق القاضي المعني بالملف مع مدير عام الدوائر عندما سمح بفتح الدوائر في الشوف وبعبدا لنقل عشرات العقارات ليلا لسياسيين؟ ومن المسؤول عن التنازل عن مشاعات الدولة لسياسيين وأطراف مهمة؟ او ان القضاء غير قادر الا على الضعيف؟
ما يحصل مهزلة واضحة امام الرأي العام وامام اهالي الموظفين وامام الموظفين أنفسهم، اذ ان القضاء فُقدت الثقة به ولا أحد يريد المثول امامه، لأنه قضاء ظالم ومسيّس ولا يقدر الا على المناطق المسيحية لأنه لا يوجد فيها لا سلاح وسلطة وسطوة حركة أمل ولا صواريخ حزب الله، بل يوجد فيها قادة مسيحيون فاشلون ولا ينجحون سوى بشتم بعضهم البعض فقط. اما سيد بكركي وبطريركها الماروني مار بشارة بطرس الراعي أبينا جالس على كرسيه وغائب عن القضية، وساكت عن الحق، فهل يعلم سيد بكركي ان مدير عام الدوائر يحمي دوائر صيدا وصور والنبطية والبقاع وبيروت من التحقيقات ويقول للقضاء ان تلك الدوائر لا فساد فيها؟ فإذا كان سيد بكركي يعلم فهناك مصيبة وإذا لم يكن يعمل فالمصيبة أكبر.
ليس هكذا يا سادة ويا قضاة تحاربون الفساد وتصلحون الدولة، فالفاسدون معروفون بالأسماء وهم في قصورهم، فهل تتجرؤون على واحد منهم؟ ام ان الفقير متاح لكم ولإذلالكم وظلمكم، ويا حضرة القضاة أجمل ما في الدنيا لذة الضعف بين يدي الخالق وأجمل ما في الآخرة لذة النظر إلى وجهه الكريم، فهل تتجرؤون اليوم ان ترفعوا رؤوسكم تجاه وجه الله؟