كما كان متوقّعاً، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري هيئة مكتب المجلس إلى اجتماع سيُعقد يوم الاثنين المقبل تمهيداً للدعوة إلى عقد جلسة تشريعية، ستكون الأولى بعد الشغور الرئاسي في حال اكتمل نصابها.
عنوان الجلسة هو اقرار قوانين اصلاحية مطلوبة من صندوق النقد الدولي وأبرزها الكابيتال كونترول الذي صار مطلباً ملحّاً للمصارف لإغلاق باب الدعاوى القضائية. أمّا الأساس من الجلسة فهو التمديد لمدير عام الأمن العام اللواء المتقاعد عباس ابراهيم الذي يحال نهاية الشهر الحالي إلى التقاعد. وبناء على طلب «حزب الله»، سيسعى رئيس مجلس النواب لفتح باب البرلمان من جديد رغم مقاطعة الكتل النيابية المعارضة، وفي طليعتها «القوات» والنواب «التغييريون» وبعض المستقلين. فهل تعقد الجلسة؟
حتى الآن لا جواب حاسم. اللواء ابراهيم بدوره غير مطمئن للنتائج. أرقام الحضور من جانب الكتل النيابية غير مضمونة. والأرانب قد تخرج في أي لحظة.
في الوقائع، يتبيّن أنّ مفتاح الجلسة لا يزال بيد رئيس «تكتل لبنان القوي» جبران باسيل من باب تأمين الميثاقية المسيحية على اعتبار أنّ «القوات» موقفها محسوم بالمقاطعة. وسبق لنواب تكتل «الجمهورية القوية» قد وقعوا إلى جانب عدد من النواب المعارضين (42 نائباً) في 27 كانون الثاني الماضي «نداء» أعلنوا خلاله «الالتزام بأحكام الدستور، لا سيما المواد 49 و74 و75 منه، التي تنص صراحةً على أنّه متى تخلو سدة الرئاسة يصبح المجلس النيابي هيئة إنتخابية ملتئمة بشكلٍ دائم من أجل إنتخاب رئيس للجمهورية، بدورات متتالية بشكلٍ متواصل دون إنقطاع حتى تحقيق هذه الغاية، ولا يحق للمجلس القيام بأيّ عملٍ سواه».
وهذا يعني امتناع هؤلاء جميعاً عن القيام بأي مهام تشريعية، مع العلم أنّه بعد شغور الرئاسة في العام 2014 شاركت «القوات» في جلسات تشريع الضرورة، أسوة بـ»التيار الوطنيّ الحر». يومذاك عقدت أول جلسة تشريعية في ظلّ الشغور الرئاسي، في كانون الأول من العام 2015 بعد أكثر من عام على غياب التشريع.
راهناً، لا يبدي نواب «التيار الوطني الحر» ممانعة للمشاركة في الجلسة «بعد الاطلاع على جدول أعمالها، خصوصاً اذا تضمن بنوداً ملحة وضرورية لتسيير شوؤن الناس، أمّا اذا كان جدول الأعمال موسّعاً، فقد يكون موقفنا من المشاركة سلبياً. ولهذا لا يزال القرار النهائي مرتبط بمضمون جدول الأعمال».
هذا على صعيد الشكل، لكن الأهم هو في المضمون. اذ أنّ باسيل لا يمانع في التمديد للواء ابراهيم ولا يبدي رغبة في أن يكون حجر عثرة أمام بقائه في منصبه، ولكنه لن يفعلها اذا اقتصر التمديد على شخصه. يقول أحد النواب العونيين إنّه لا مانع في اقرار قانون يمدد بقاء كلّ المدراء العامين لفترة معينة، ولو أنّ الصيغة المقترحة للتمديد تقضي بالتمديد لكل قادة الأجهزة الأمنية، لتشمل بشكل خاص مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان الذي يحال إلى التقاعد في العام 2024، وذلك بطلب من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
في المقابل تنفي مصادر حكومية أن يكون ميقاتي هو الذي يضغط باتجاه التمديد للواء عثمان مشيرة إلى أنّ الأخير «حريص على الاستقرار الأمني ويعتبر أنّ مجلس النواب سيّد نفسه ولكنه غير معني بالنقاشات الحاصلة ازاء التمديد». بالتوازي، تقول مصادر سياسية متابعة إنّ التمديد لابراهيم دونه عقبات كثيرة، ومنها:
- لم يعد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط متحمّساً بعدما أحيل اللواء أمين العرم إلى التقاعد من دون أن يتمكن من التمديد له كما كان يسعى.
- لا يزال النقاش مع جبران باسيل شغّالاً على الصيغة الأنسب للتمديد ولكن هذا لا يعني أنّ الاتفاق محسوم خصوصاً وأنّ التمديد لكل المدراء العامين وحتى للواء عمثان فيه «تجاوز معنوي» للعهد الجديد الذي يفترض به أن يقوم بتشكيلاته الإدارية والأمنية.
- يرجّح أن يُدرج قانون الكابيتال كونترول في طليعة الاقتراحات التي ستناقش في الهيئة العامة ما يعني أنّ احتمال حصول خلاف حول بعض البنود الجوهرية ممكن، وانسحاب بعض النواب من بعدها ممكن أيضاً وبالتالي تطيير النصاب.
بالنتيجة، ثمة انطباع تشكيكيّ يحيط بالمسألة. الاشكاليات لا تزال قائمة، والطبخة لم تنضج بعد. الرئيس بري لم يعاكس رغبة «حزب الله» بالدعوة إلى جلسة تشريعية تحول دون تقاعد اللواء ابراهيم. لكن شياطين التفاصيل قد تفعل فعلها في اللحظة الأخيرة، فيكون بري قد أدى قسطه للعلى، لكن ما باليد حيلة.
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا