قد يكون احد أهم مفاتيح حلول الأزمة في لبنان ولا سيما النقدية منها، ادراك أن الأزمة هي أزمة عامة لا شخصية أو فردية، وبالتالي الحلول والقرارات لا يجب ان تخرج عن هذا المبدأ العام والا ضاعت البوصلة وتضرر الهدف الأسمى وهو المودعين.

هذا ما يمكن القول انه حصل مع محكمة التمييز حينما حكمت باجبار " فرنسبنك" على دفع وديعة بالدولار "الكاش" لصالح مودع دون بقية المودعين، في مشهد فاقع يكرس التمييز بين مودع وآخر، والاستنسابية في قبول الطعون. فقد قبلت محكمة التمييز الطعنين التمييزيين المقدّمين ضدّ "فرنسبنك"، تحت طائلة عرض جميع ممتلكات المصرف للبيع بالمزاد العلني. فما كان من المصرف الا ان اقفل فروعه اعتراضا على قرار "رفض الشيك" كوسيلة إيفاء للدفع. 

فللقرار هذا تداعيات اغفلتها "التمييز"، التي بقرارها هذا مهّدت لتعليق التداول بالشيكات المصرفية التي لم تَعد توفي دَيناً، ومهدت لتحويل الاقتصاد الوطني الى اقتصاد نقدي مع ما يعنيه ذلك من خروج للبنان من النظام المصرفي العالمي.

لا ذلك فحسب، لا وبل اغفلت ايضا أن المصارف تتقاضى قروضها بواسطة الشيكات، أو بدفعات متأخرة على السعر الرسمي القديم 1500 ليرة طوال سنوات الأزمة. فهل كانت المحكمة لتوافق على أنّ يطالب المصرف مودعيه بدفع قروضهم بالدولار "الكاش"؟

الحكم الصادر اذا قد ترتكز عليه دعاوى مماثلة مستقبلاً، وسيجعل من حالة خاصة تتحول الى حالة عامة مغطاة بـ"القانون"، فيما لن تتمكن المصارف من تأمين الامول "الكاش" لتنفيذ الاحكام القضائية ما سيؤدي الى تفاقم الامر اكثر لا بل الى اعلان افلاس المصارف وهو ضربة للجميع، وربما تفجير ازمة جديدة خصوصا وأن السلطة السياسية لا تزال تتلكأ في اقرارها لقانون الكابيتال كونترول.