عماد مرمل - الجمهورية
يواصل النائبان ملحم خلف ونجاة صليبا اعتصامهما المفتوح في المجلس النيابي، والذي يكاد يُنهي أسبوعه الثاني من دون أن يظهر أي مؤشر الى احتمال انتخاب رئيس الجمهورية قريباً... فإلى متى يستطيعان الصمود؟ وهل باتا في حاجة إلى حبل «نجاة»؟
لم يقتنع كثيرون بجدوى خطوة خلف وصليبا او بجديتها في مواجهة فراغ رئاسي لا يمكن أن يُملأ بالمبادرات الرومانسية، وبالتالي فإنّ هؤلاء وضعوا سلوك نائبي «التغيير» والمتعاطفين معهما في خانة الاستعراض الاستهلاكي الذي لا يفيد في إنتاج الحل المطلوب.
الا انّ خلف يقول لـ»الجمهورية» انّ إصراره وصليبا على البقاء في المجلس وعدم مغادرتهما «ليس show لاستقطاب الاضواء او نشاطا دعائيا، بل هو وبكل بساطة واجب وطني ودستوري مُلزِم، لا نملك ترف التهاون في تأديته».
ويلفت خلف الى ان المادة 74 من الدستور واضحة ولا تتحمل اي التباس في محتواها الذي يفرض على النواب ان يؤدوا مهمة وحيدة عند الشغور وهي انتخاب رئيس الجمهورية، إذ تلحظ انه عند خلو سدة الرئاسة لأي سبب كان يجتمع مجلس النواب بحكم القانون لانتخاب الخلف فوراً، «وتالياً، فإنّ تمسّكي مع زميلتي بالبقاء في المجلس يرمي الى حض النواب على التقيد بهذه المادة والانخراط في جلسات متتالية من دون انقطاع الى حين ولادة الرئيس».
ولكن، هل هذا الضغط الوجداني يكفي للدفع نحو معالجة أزمة الشغور الرئاسي؟ ألا توافق على أنّ وجودك المستمر في المجلس هو حراك عاطفي لا يمكن أن يعطي مفعولا سياسيا؟
يرفض خلف بشدة هذه المقاربة، متسائلاً: «هل المطالبة بتطبيق الدستور هي مسألة عاطفية ام قاعدة إلزامية يجب احترامها؟ هل القضية انني مغروم بالمادة 74 أم معني كنائب بتطبيقها من غير مواربة؟».
ويضيف: «الإقامة في المجلس ليست مريحة بالتأكيد، والنوم على الأريكة وسط انقطاع شبه متواصل للكهرباء هو مُضن، ولكن لم يكن أمامنا سوى هذا الخيار لمحاولة إيقاظ الضمائر التي تغطّ في سبات سياسي عميق».
وحين يُقال لخلف: ان البعض يأخذ عليكم انكم لجأتم الى خطوة شعبوية للضغط على الآخرين في حين انكم كنواب تغييريين عاجزون اصلاً عن التفاهم فيما بينكم على اسم واحد للرئاسة، يردّ بشيء من الحدة: «يا أخي... معهم حق، نحن نواب مبتدئون وغير متمرسين في السياسة، ولا نفهم... حسناً، ماذا فعلوا من جهتهم؟ هم يعتبرون اننا لسنا سوى «كَم فَركوح» فلماذا لا يكونوا أشطر منّا وينتخبوا رئيساً من دون تأخير؟ عندما أرادوا خدمة مصالحهم اتفقوا على تَقاسم اللجان النيابية بين ليلة وضحاها بينما عندما يتعلق الأمر بمصلحة الناس والبلد لا يتحركون». ويضيف: «انهم يحاولون تبرير فشلهم والتغطية عليه عبر اتهامنا بالشعبوية... والمفارقة العجيبة هي انه «لا هِنّي بيتحمّلوا مسؤوليتهم في انتخاب الرئيس ولا بيقبلوا انو حَدن يضغط في هذا الاتجاه».
ولكن ألا تظن انك والنائب صليبا أصبحتما في مأزق لأنكما صعدتما الى أعلى الشجرة ولم يعد بمقدوركما النزول عنها بسهولة؟
يردّ خلف: «يجب أن يعرفوا اننا «طلعنا عالشجرة» حتى لا نسمح لأحد بأن يقطعها. ونحن متمسّكان بهذه الشجرة كما المرأة الفلسطينية التي غمرت شجرة الزيتون». ويضيف: «نٓفٓسنا طويل وسنكمل ما بدأناه حتى تستيقظ ضمائرهم. انا ذهبت إلى المستشفى ثم عدت الى المجلس. شو بدو يصير بعد أكتَر من هيك؟». ويضيف مفتخراً: «للعلم، نجاة صليبا هي اول امرأة في العالم تنفّذ تحرّكاً من هذا النوع في مجلس نيابي، ومن يعوّل على استسلامها او استسلامي، سيكون عليه ان ينتظر كثيراً».
ويحذّر خلف من مغبّة الانزلاق الى اي نوع من انواع الدكتاتوريات في لبنان، مؤكداً «التصميم على مواجهة هذا المنحى»، ومستغرباً نمط التعاطي مع الاستحقاق الرئاسي «كأنهم تفاجأوا بانتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في 31 تشرين الثاني الماضي»، لافتاً الى «انّ انتخاب الرئيس لا يتم من خلال العودة إلى التسويات المعلّبة التي تعكس محاصصة سلطوية على حساب الحد الأدنى من الديموقراطية، وإنما يتحقّق عبر البقاء تحت قبة المجلس والمشاركة في جلسات مفتوحة ومتتالية من دون انقطاع، وفق الآلية الواردة في الفقرة الثانية من المادة 49، على أنه من الممكن ان يحصل بين الجلسة والأخرى أخذ ورَدّ حتى يستطيع أحد الاسماء نيل الأكثرية المطلوبة». ويتابع: «انّ عملية الانتخاب لا يمكن أن تُنجز الا تحت ضغط او دينامية الجلسات المتواصلة، اما التأجيل من مرة الى أخرى فيؤدي الى استرخاء في المقاربات».
ويُبدي خلف اقتناعه بأنه نجح وصليبا على الاقل في تحريك المياه الراكدة، «والأهم اننا نشعر خلال كل يوم نقضيه في المجلس بأننا متصالحان مع نَفسينا وكذلك مع الناس لأننا نعكس وجعهم ونوصِل صوتهم».