صونيا رزق - الديار
يبدو رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل «معجوقاً» حتى الذروة في هذه الفترة، وباحثاً عن حلفاء جدد من طوائف اخرى، ومتنقلاً بين الحين والاخر من ضفة سياسية الى اخرى، ومستقبلاً حلفاء سابقين ليُعيدهم حاليين، ما بين حارة حريك وكليمنصو وطرابلس، لكن هؤلاء اتوا لزيارته وفي جعبهم ملفات ضرورية للطرح والمباحثات الثنائية، علّها تصل الى مبتغاها من دون ان تخلو من المصالح المتبادلة مع رئيس «التيار».
فإلى جانب إستقبالاته في المقر العام لـ «التيار» في ميرنا شالوحي قبل ايام قليلة وفداً من حزب الله، ثم اجتماعه في دارة ابنة وليد جنبلاط لبحث المستجدات مع رئيس «الاشتراكي»، إلتقى باسيل في الامس رئيس تيار «الكرامة» النائب فيصل كرامي، الذي سبق ان زار رئيس مجلس النواب نبيه بري، في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، ضمن جولة على المسؤولين. معلناً تأييده للحوار الذي طرحه الاخير، من دون ان يلقى التأييد من اغلبية الاطراف السياسية، لكن كرامي قالها في العلن وفي مقر التيار العوني، «المَخرج الوحيد هو الحوار على الا يستثني أي أحد، لقد طرحت الفكرة وما زلت مصرّاً عليها لانها توصل الى التوافق، الذي عبره نستطيع أن ننتخب رئيساً للجمهورية، وعبر هذه الرئاسة تعود وتنتظم أعمال المؤسسات في لبنان التي تعاني اليوم من الازمات على كل الصعد».
النائب كرامي الذي لطالما ردّد انّه ليس وسطياً ولا رمادياً، وبأنّ خياراته الاستراتيجية معروفة، وفي الوقت عينه لا يحبّذ ان يكون جزءاً من الاصطفافات الحادة، يشير دائماً الى وجود قدرة لديه للتحرّك في كل الاتجاهات السياسية، الامر الذي يجعله يبدو مختلفاً عن الخط السياسي الذي يسير فيه، ربما لانه يملك طموحاً بدخول السراي الحكومي، وهذه الفكرة باتت تراوده خصوصاً بعدما طرحت من قبل بعض الحلفاء، الذين شجعوه على خوض هذه المعركة التي تبدو صعبة في المرحلة المقبلة والعهد الجديد، اي لإطاحة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، الخصم السياسي الأكبر لباسيل، من هنا يتجه التوافق بين الطرفين كي يصبح واقعاً بعد فترة وجيزة، لإخراج ميقاتي عن عرش السراي، وهذا طموح رئيس» التيار» الباحث عن شخصية سنيّة مقرّبة من الفريق الممانع، قادرة على الوصول الى السراي، وفي الوقت عينه مقبولة نوعاً ما من الرياض وهذا ما ظهر قبل فترة، خلال زيارة السفير السعودي وليد البخاري لكرامي والغزل المتبادل.
في السياق لم يأت لقاء كرامي - باسيل من عدم بل من مصالح متبادلة، لكن رهان الاخير لا يبدو ناجحاً، لانّ رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ما زال في اذهان أكثرية اهل السنّة، واليوم يعيشون مرحلة الإحباط والتشتت، ولا احد يستطيع إزالة هذا المشهد سوى الحريري، اذ ما زالوا غير قادرين على فكرة التعايش مع غيابه، بعد إعلانه العزوف عن الترشح الى الانتخابات النيابية، وتعليق حياته السياسية ، الامر الذي وضعهم في اطار عدم اتخاذ القرار المناسب، فانقسموا الى اجنحة يتداخل يها الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة، والنائب اشرف ريفي الذي يحظى بشعبية في طرابلس، فضلاً عن بعض النواب السنّة الذين يسعون بالخدمات لأبناء الطائفة، إضافة الى النواب المحسوبين على الفريق الممانع والمستقلين، وبعض المنسوبين الى قوى التغيير، أي بإختصار يحتاج هؤلاء النواب الى ما يجمعهم خصوصاً في إستحقاقات هامة كالبحث في ملف رئاستيّ الجمهورية والحكومة، الذي لم يغب عن ذهن اللقاء امس ولو ضمن إطار خفي.
لذا فالرهان على شخصية سنيّة منذ اليوم، لتوّلي المنصب الرئاسي الثالث، ولو ضمن الخبايا والكواليس، يبدو خاسراً في إنتظار هوية رئيس الجمهورية المرتقب، على امل ان يكون وصوله الى بعبدا قريباً جداً.