الحرة
تحدثت بطلة الشطرنج الإيرانية العالمية، سارة سادات خادم الشريعة، لأول مرة عن أسباب خلعها للحجاب وهروبها من بلدها الأم باتجاه إسبانيا، في ظل تقارير عن تعرضها وعائلتها لتهديدات داخل إيران.
وكانت خادم وصلت مطلع هذا الشهر إلى إسبانيا بعد تلقيها ما وصفها مصدر مقرب منها بأنها تحذيرات بعدم العودة إلى إيران، بعد ظهورها دون ارتداء الحجاب في مسابقة دولية اقيمت في كازاخستان الشهر الماضي.
وشاركت خادم، المولودة في 1997، في بطولتي الشطرنج السريع والشطرنج الخاطف، التابعتين للاتحاد الدولي للشطرنج في مدينة ألماتا، من دون ارتداء الحجاب، في خطوة فسرها كثيرون بأنها جاءت دعما للاحتجاجات الشعبية التي تشهدها البلاد منذ عدة أشهر.
وقالت خادم في تصريحات أوردتها صحيفة "الغارديان" البريطانية: "شعرت، بأنني غير مخلصة للناس إذا ارتديت الحجاب.. لم أشعر أنني على ما يرام".
وبالنسبة لخادم، وزوجها المخرج السينمائي أردشير أحمدي، شكّل ظهورها من دون حجاب نقطة تحول منذ ولادة ابنهما العام الماضي، حيث كان الزوجان يفكران في الانتقال إلى بلد أكثر أمانا.
وقال أحمدي، البالغ من العمر 32 عاما، إنهما اضطرا إلى الاستعجال في خطوة الانتقال، نتيجة ظهور خادم من دون حجاب: "أخبرتني أنها تود المشاركة في البطولة لكن من دون ارتداء الحجاب".
وأضاف: "قلت لها حسنا، إذا كان هذا هو قرارك، فأنا أدعمك ويمكننا الذهاب بعدها إلى إسبانيا".
وتمكنت خادم، المصنفة 17 على مستوى العالم والأولى داخل إيران، من الدخول لإسبانيا بسبب مكانتها العالمية في لعبة الشطرنج، وأيضا لإن لديها أملاكا في البلاد.
وقال خادم إن هناك "شائعات تتحدث عن أنني فعلت ذلك (خلع الحجاب) من أجل الحصول على حق اللجوء أو الانتقال إلى إسبانيا، لكن هذا غير صحيح".
وأشارت إلى أنها لم تستخدم أي أسباب سياسية للخروج من البلاد "لأننا لم نكن بحاجة لذلك".
وتعد خادم خامس رياضية محترفة في لعبة الشطرنج تغادر إيران خلال السنوات الأخيرة، ومعظمهن قرر ذلك بعد فترة وجيزة من مشاركتهن في منافسات دولية من دون ارتداء الحجاب.
ورغم أن خادم حاولت عدم ربط انتقالها إلى إسبانيا بالاحتجاجات الجارية حاليا في إيران، وتأكيدها على وسائل التواصل الاجتماعي أن القرار كان لدوافع عائلية، إلا أن المعطيات على الأرض تتحدث عن عكس ذلك، وفقا للصحيفة.
كما أوضحت "الغارديان" أن الزوجين فضلا التكتم على مكان إقامتها في إسبانيا لأسباب أمنية.
وقال أحمدي، الذي اعتقل لثلاثة أشهر في سجن إيراني في 2014 لإخراجه فيلما وثائقيا عن فرقة موسيقية سرية، إنه وزوجته سعيا إلى الابتعاد عن الأنظار في بلدهما الجديد. وأضاف أن "ما فعلته خادم لا يعتبر سياسيا في معظم الدول.. لكن في إيران، كل شيء مرتبط بالسياسية".
وبينما يسعى الزوجان إلى ترك الماضي خلفها والاستقرار في حياتهما الجديدة في إسبانيا، ينصب تركيزهما الآن على إعادة بناء حياة خادم المهنية بعد انقطاع دام سنوات بسبب أزمة كورونا وولادة ابنها.
وتخطط خادم لتمثيل إيران في البطولات الدولية، حيث يأمل الزوجان في النهاية العودة لبلدهما الأم.
وأشارت خادم إلى أن "القرار الذي اتخذته في كازاخستان كان قرارا شخصيا.. لذلك عندما أعود إلى إيران- وأنا متأكدة من أنني سأفعل، سأجيب على أولئك الذين يسألونني عما شعرت به".
وكانت وكالة رويترز ذكرت نقلا عن مصدر، طلب عدم نشر اسمه لحساسية المسألة، أن خادم تلقت مكالمات هاتفية عدة عقب ظهورها بلا حجاب، حذرها فيها أفراد من العودة إلى إيران بعد البطولة، بينما قال آخرون إنه ينبغي لها العودة، ووعدوها "بحل مشكلتها".
وأضاف المصدر أن أقارب خادم ووالديها المقيمين في إيران تلقوا تهديدات أيضا، لكنه لم يذكر مزيدا من التفاصيل.
وتابع المصدر أن المكالمات الهاتفية دفعت منظمي البطولة لاتخاذ قرار بتأمينها بالتنسيق مع شرطة كازاخستان، مما ترتب عليه وجود 4 حراس شخصيين خارج غرفة خادم الفندقية.
وتشهد إيران احتجاجات عارمة مناهضة للمؤسسة الدينية الحاكمة منذ منتصف سبتمبر، إثر وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني (22 عاما) أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق بسبب ارتدائها "ملابس غير لائقة".
وأصبحت القوانين التي تلزم النساء بارتداء الحجاب مثار خلاف خلال الاضطرابات، إذ ظهرت عدة رياضيات في بطولات خارج إيران من دون ارتداء الحجاب في العلن.
وتلعب النساء دورا بارزا في الاحتجاجات، إذ يخلعن الحجاب، وفي بعض الحالات يحرقنه، بينما تشجع المحتجون بسبب ما يعتبرونه علامات على إظهار التأييد من رياضيين ورياضيات من إيران.