عقد وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الاعمال امين سلام مؤتمرا صحافيا قال فيه: "دعونا الى هذا المؤتمر الصحافي للإعلان عن موضوع في غاية الاهمية، وقد انتظرنا ما يقارب التسعة اشهر من العمل الدؤوب الجاد والوطنية للاعلان عن نجاحنا في ملف حيوي واساسي للغاية".
اضاف: "انا اليوم كوزير للاقتصاد والتجارة وكعضو للمجلس الاعلى للدفاع وكرئيس اللجنة الوزارية للأمن الغذائي، واتكلم بهذه الصفات الثلاث لعدة اسباب، أولها ان القمح والطحين هو موضوع خبز الناس ولقمة عيشهم، ومنذ اليوم الاول قلت ان الرغيف خط احمر وبالتالي هو امن قومي للبلد، خبز الناس له رمزية وطابع إنساني واجتماعي خاص ومهم جدا، وقد يسقط حكومات ورئاسات في دول العالم نتيجة. ما اريد قوله انه بعد تسعة اشهر من العمل، على مراحل، نعلن اليوم بكل أمانة وثقة، اننا نجحنا في ملف القمح وترشيد الدعم، وأمنا للمواطن الطمأنينة والاستقرار في هذا الموضوع شديد الاهمية، وعندما راهن الجميع على الفشل وان تجار الازمات سينتصرون، نقول لهم اليوم انهم فشلوا في رهاناتهم ونجاحنا كان مدويا".
وتابع: "من المنطلق الامني اقول اننا عملنا باعتبار هذا الملف موضوع امن غذائي. وهنا اريد ان أخص بالشكر كل الاجهزة المعنية التي عملت لحماية الامن الغذائي اللبناني، وتعاونت معنا خلال فترة الثمانية اشهر واستطعنا معا استعادة القمح والطحين بعد سرقته، وأعدنا توصيل الخبز من خلال عمل دؤوب قمنا به خلال 48 ساعة، بعد أن اصطفت طوابير الناس أمام الافران لأكثر من شهر وصف".
وقال سلام: "هذه اللجنة تتمثل بعدة أجهزة ووزارة الداخلية والجمارك والامن العام وامن الدولة ومخابرات الجيش، استطعنا أن نصل الى الانتظام العام في موضوع الخبز. والأهم أننا تمكنا من تحقيق ثلاثة أمور: أنهينا سياسة ومنظومة الدعم السابقة التي كانت مبنية على الارتجالية دون معطيات ودراسة وبدون جدوى لمفهوم الدعم الاساسي، وهي التي أوصلتنا الى الفشل الذريع في كل ملفات الدعم، ولكننا رفضنا ان يستمر المواطن اللبناني في معاناته لتأمين رغيف خبزه اليومي، فيحق له أن يطمئن الى أن الدولة تؤمن له رغيف الخبز بسعر مقبول. فقد واجهنا موضوع رفع الدعم عن الرغيف، واليوم ترسخت قناعتنا بأن رأينا كان صائبا بعدم رفع الدعم عن الرغيف. إذ عندما بدأنا كان سعر الدولار دون العشرين الفا واليوم تخطى الخمسين الفا، لذلك رفضت تحميل المواطن فوق قدرته لشراء الخبز، وكنت أرى بالارقام أنه اذا تم رفع الدعم بشكل عشوائي كما حصل في قطاع المحروقات لكنا أصبنا الامن الاجتماعي والغذائي اللبناني بضربة مزلزلة، لأن حق كل انسان الاطمئان للحصول على رغيف الخبز. لو أننا رفعنا الدعم عن الخبز فكثير من الناس لن يعود باستطاعتهم شراء ربطة الخبز، ولكان سعرها تجاوز الخمسين الفا".
اضاف: "المواطن اللبناني لا يستطيع تحمل رفع سعر ربطة الخبز، لذلك لا أنا ولا هذه الحكومة ولا هذه الدولة نقبل التلاعب بهذا الملف وحصول استهتار وهروب الى الامام. نحن اليوم ونتيجة لأرقام ومعطيات صارت ثابتة نستطيع الاعلان أن رغيف الخبز بحال استقرار لما بين عشرة اشهر وسنة ، ونزف للبنانيين البشرى بأننا كما وعدنا بحماية الخبز والامن الغذائي الاساسي فقد وفينا بوعدنا، إذ أن الخبز متوفر لغاية آخر سنة 2023 على سعره وضمن الاليات الجديدة في اطار قرض البنك الدولي. ونطمئن الى أننا سنؤمن القمح في ظل الازمات العالمية وضمن العمل الذي يجري مع البنك الدولي الذي يشكل ضمانة لاستمرار وصول القمح وضمانة لاستقرار سعر الخبز وضمانة ايضا للتجار العالميين كي لا يتوقفوا عن تصدير القمح الى لبنان مهما تعقدت الظروف والاوضاع".
وتابع: "ان ما وصلنا اليه قد مر بثلاث مراحل عملنا عليها في آخر تسعة أشهر، أولها مرحلة تقييم الوضع القائم في نظام الدعم السابق حيث استغرقنا وقتا لمعرفية كيفية سير العمل به وكيفية اعادة الانتظام بحيث كان تجار الازمات يستغلون الفوضى واللامسؤولية وعدم المحاسبة وكميات القمح بأسعار مدعومة من اجل تحقيق ارباحهم، وما استطعنا القيام به بعد تقييم المرحلة الاولى وقبل وصول قرض البنك الدولي، إنشاء اللجنة الامنية حيث الكميات الكبيرة التي كانت تصل الى البلد وتستغل لصناعة غير الخبز العربي فاتخذنا قرارات جدية وجريئة بوقفها، ثم شددنا مع القوى الامنية والجيش على ضبط الحدود، وأيضا بالمتابعة الدقيقة للقمح وكيفية نقله وتوزيعه، وفي هذه الظروف مسألة ضبط الحدود في لبنان وأي بلد آخر هي في غاية الصعوبة. وما أؤكده أننا تمكنا من النجاح بنسبة 70 الى 80 بالمئة في حماية الطحين من التهريب، وهذا بالارقام واضح، حيث ان الكميات التي كنا نستوردها وتدفع ثمنها الدولة اللبنانية خفضت بنسبة ممتازة جدا وتبين لنا أن السوق كان فيه فائض، فخفضنا الكميات وخفضنا الصرف، واليوم مع قرض البنك الدولي ومن خلال المراقبة ومنع استعمال الطحين الا للخبز الابيض خفضنا الصرف وبالتالي رفعنا فترة الاستدامة، واستطعنا تأمين كميات تكفي حاجة السوق وتفيض، واقوم بمتابعة اسبوعية لوصول الطحين لكل الافران في لبنان بشكل متوازن ومدروس".
وقال وزير الاقتصاد: "حللنا جزءا كبيرا من المشكلة، والأهم اننا منعنا استغلال هذه المادة من قبل التجار في وقت يحرم منها الناس الذين يجب أن تصل اليهم. وفي المرحلة الثانية كان التحدي الاكبر بالنسبة لنا باندلاع الحرب الروسية الاوكرانية مع شح الاموال المتوفرة، وبذلنا جهدا كبيرا بالتعاون مع دول كثيرة لتأمين وصول القمح، وقد بدأنا في المرحلة نفسها التفاوض مع البنك الدولي لما يشكله من ثقة دولية من أجل تأمين دفع سعر القمح، والبرنامج يعمل من خلال ثلاثة امور هي: الشفافية في الاستيراد، المحاسبة والتدقيق المالي والتوزيع. في موضوع الاموال تصرف من اجل شراء القمح بموجب اعلى المعايير الدولية المعتمدة من البنك الدولي والصليب الاحمر والاليات الجديدة التي وضعناها في الوزارة، مع وجود فريق عمل معنا من البنك الدولي لتأمين استمرارية وصول القمح بشكل ممنهج منظم".
اضاف: "من هنا أقول أنه من غير المسموح التحدث عن ازمة رغيف في لبنان، وكعضو في مجلس الدفاع الوطني، وبعد ان أمنا كل الامور للمحافظة على وجود القمح، فكل من يتحدث عن أزمة يكون افتراء وتضليلا تآمرا على الامن الغذائي والاجتماعي اللبناني. واناشد الاجهزة والقضاء وأتوجه بكتاب الى الاجهزة المختصة، بأن من يتحدث عن ازمة غذاء وخبز يكون يهول على الناس ويخلق ارتباكا ويجب أن يحاسب على أنه يخل بالامن ويفتعل ازمة تنشر الخوف والقلق لدى الناس، وسنعتبره مرتكبا لجرم بحق الامن الاجتماعي والغذائي، وسأكون اول من يتقدم الى القضاء بشكوى امنية وجنائية لأن كل عناصر الاستقرار متوافرة وكل عناصر الازمة غير متوافرة، وأبسط الامور الا نترك اللبناني قلقا على رغيف خبزه".
وتابع: "اداريا بدأت عملية وضع الطلبات من اكبر شركات لتصدير القمح وضمن المعايير المطلوبة، واعلى المعايير المعتمدة عالميا، لذلك سيوفر هذا البرنامج اول دفعة باخرة مدعومة من البنك الدولي تحمل 30 الف طن ستصل الى مرفأ بيروت منتصف شباط المقبل، وتمت الموافقة عليها مطلع هذا الاسبوع. وسننزل كوزارة واجهزة معنية لاستلامها من المرفأ وتوزيعها ضمن الاطار الذي نعمل عليه منذ ستة اشهر، بالاضافة الى وجود الصليب الاحمر معنا وبعض الاجهزة المشتركة مع وزارة الاقتصاد والبنك الدولي والتي تزيد الرقابة على الافران وتتأكد من وصول ربطة الخبز لكل الناس بالاسعار الرسمية المعلن عنها من وزارة الاقتصاد. وبعد هذه الباخرة سيتوالى وصول البواخر".
وختم: "نعلن وبكل امانة أننا تمكنا من توفير مادة القمح دون أي صعوبات لسنة كاملة تقريبا، ولا يمكن لنا القول بأن لدينا مخزونا استراتيجيا من القمح قبل بناء الاهراءات، انما في ظل الظروف الصعبة لن نشهد انقطاعا للخبز أبدا، وسيتوفر بالسعر الرسمي".