عماد مرمل - الجمهورية
لم تعد تداعيات النزوح السوري تقتصر على الجوانب الاقتصادية والأمنية والاجتماعية والسياسية، بل هي أصابت أيضاً المضمار الديبلوماسي، وتسببت في أزمة لم تنته فصولاً بعد، بين وزارة الخارجية والسفير الألماني في بيروت أندرياس كيندل، فما هي القصة؟ وهل من جديد في السياسة الدولية حيال ملف النازحين؟
يؤكّد مصدر ديبلوماسي لبناني واسع الاطلاع لـ «الجمهورية»، انّ فارقاً قد طرأ أخيراً على مقاربة معظم الدول الاوروبية لملف النازحين السوريين «بعد الجهد الديبلوماسي الدؤوب الذي بُذل على هذا الصعيد»، موضحاً انّ «نقلة نوعية حصلت خلال المشاركة في نيسان الماضي في اجتماع بروكسل حول النازحين، والذي كان يُراد منه تأمين أموال إضافية لهم «ولكن الموقف الرسمي أكّد آنذاك انّ لبنان لا يريد مالاً بل يطلب إعادة النازحين إلى بلادهم لأنّهم ليسوا لاجئين سياسيين وإنما هاربين من الحرب، وبما انّ الحرب توقفت في معظم أنحاء سوريا، ولو انّ السلام لم يتحقق بعد، فإنّه لم يعد هناك من مبرّر لبقائهم عندنا».
يضيف المصدر: «لقد جرى أيضاً تنبيه المعنيين في الغرب إلى انّ النزوح السوري بات يهدّد دور لبنان ووجوده كرسالة حضارية ترتكز على التعايش الاسلامي- المسيحي المتوازن والمتساوي، والذي يمثل نموذجاً يكاد يكون فريداً في العالم. وقد أوصلنا رسالة تحذيرية بأنّ الإقامة المستدامة لنحو مليون ونصف مليون نازح سوري في لبنان ستؤدي إلى الإخلال بتركيبته الديموغرافية وتمزيق نسيجه الاجتماعي المرهف، وصولاً إما الى تقسيمه وظهور «اسرائيل» أخرى، وإما إلى تحوله دولة شبيهة في توليفتها السكانية والمجتمعية بباقي دول العالم العربي، وفي كلتي الحالتين تكون خصوصية لبنان قد انتهت».
ويلفت المصدر إلى انّ البعض في أوروبا تأثر بهذا الطرح، «وهذا ما عكسه موقف وزير الخارجية الإيطالي الذي أكّد خلال ترؤسه مؤتمر الحوار المتوسطي في إيطاليا بأنّه اتفق مع وزير الخارجية عبدالله بوحبيب على وجوب معالجة قضية النازحين وتسهيل عودتهم، الأمر الذي شكّل تطوراً إيجابياً في مسار التعامل مع هذه القضية».
الّا انّ المصدر يوضح، انّ هناك دولتين وازنتين لا تزالان تغرّدان خارج السرب الأوروبي، وهما فرنسا والمانيا اللتان تُعتَبران الأكبر نفوذاً في الاتحاد الأوروبي والأكثر إنفافاً للمال على ملف النازحين.
وهنا، يتوقف المصدر الديبلوماسي عند ما يرى انّه «سلوك نافر» لسفير ألمانيا لدى بيروت أندرياس كيندل، ملاحظاً انّه يتصرف كالمفوض السامي، ويوزع الإتهامات على المسؤولين اللبنانيين في ما خصّ نمط تعاطيهم مع مسألة النازحين.
ويكشف المصدر، انّ كيندل وجّه انتقادات إلى وزيري التربية والشؤون الاجتماعية، واتهم مسؤولاً أمنياً بمخالفة معاهدة جنيف، واشتكى من انّ وزير الخارجية هدّده بـ»حزب الله»، «والقاسم المشترك بين هؤلاء هو انّهم يرفعون الصوت عالياً ضدّ بقاء النازحين».
ويروي المصدر الواسع الاطلاع، انّ الجهات المعنية في وزارة الخارجية أبلغت بصراحة إلى السفير الألماني انّه لم يعد جائزاً أن يكمل بهذه الطريقة التي تنطوي على تجاوز لحدود دوره كسفير، وانّ هناك حرصاً على أن لا تصل المشكلة إلى درجة اعتباره سفيراً غير مرغوب فيه كما تقتضي الأصول في مثل هذه الحالة، «ولكن عليه أن يراجع تصرفاته».
ويلفت المصدر، إلى انّ السفير الألماني مستمر في الاستفزازات، وآخرها نشره تغريدة يقرّ فيها أنّ «استثمار بلاده بشكل كبير في لبنان يرتبط بمهمّتين أساسيتين: ضمان أمن إسرائيل، ودعم اللاجئين السوريين»، ما يؤشر بوضوح إلى انّه يغلّب المصالح الخارجية على المصلحة اللبنانية»، وفق المصدر.