الديار
لم يكن نعي الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالامس للتسويات في المنطقة عبثيا بل مبني على معطيات ومؤشرات تفيد الى اتجاه عام لاستمرار»الكباش» المفتوح على احتمالات الصدام غير المحدود في الزمان والمكان. نصرالله الذي اضاف شرطا جديدا في ملف الاستحقاق الرئاسي عبر حديثه عن الحاجة الى رئيس شجاع لديه الاستعداد للتضحية ولا يهمه تهديد الاميركيين، جاء بعد ساعات على تكرار المشهد الهزلي في ساحة النجمة مع العرض الـ11 لمسرحية مملة لم تخلو هذه المرة من اضافة مشهد جديد تمثل باعتصام مفتوح لعدد من النواب داخل المجلس حتى اتمام الاستحقاق. طبعا لن يضيف هذا السيناريو الكثير على قتامة المشهد العام في البلاد حيث تخطى سعر صرف الدولار الخمسين الف ليرة في انهيار تاريخي غير مسبوق للعملة الوطنية فيما تدق «الابواب» ازمة طحين جديدة. وفيما يزداد الموقف صعوبة بين طهران والاتحاد الاوروبي مع ما يعنيه ذلك من انعكاس سلبي على كافة الملفات الاقليمية والدولية حملت السفيرة الفرنسية آن غريو الكثير من التساؤلات الى الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي دون ان تحمل اي «خارطة طريق» واضحة للخروج من المأزق الحالي في ظل السعي الفرنسي الحثيث لانجاح الاجتماع «الرباعي» المزمع عقده في الاسابيع المقبلة. وامام حالة الاستعصاء الرئاسي المرشح امتدادها لأشهر طويلة ما لم تحصل معجزة، وفي ظل اصرار بكركي على التحذير من شغور المراكز المارونية في الدولة، تعهد رئيس حكومة تصريف الاعمال للسفيرة الفرنسية بعقد جلسات حكومية استثنائية لملء اي شغور مفترض، وابلغها انه سبق وابلغ البطريرك بشارة الراعي بقراره. وهو امر سيضع البلاد مجددا امام تصعيد سياسي غير مسبوق، بحسب مصادر سياسية بارزة اشارت الى ان اصرار التيار الوطني الحر على «المقاطعة» واتهام الآخرين بضرب الشراكة الوطنية، سينتقل الى الشارع اذا ما اتجهت الامور الى اجراء تعيينات بغياب رئيس للجمهورية.
لبنان ليس اولوية
وفي هذا السياق، لم تحمل الساعات القليلة الماضية اي جديد يؤشر الى وجود تسويات داخلية او خارجية تسمح بوقف الانهيار المتواصل على كافة مستوياته السياسية والاقتصادية والمالية، ولم تكن دعوة السيد نصرالله الى عدم الرهان على تسويات قريبة في المنطقة مفاجئة كونها تنسجم مع الخط البياني المتصاعد بين القوى الرئيسية على الساحتين الدولية والاقليمية، ولعل التصعيد الاوروبي اتجاه طهران وغياب الاهتمام الاميركي بايجاد تسوية للملف اللبناني ابرز العوامل المؤثرة سلبا، وبالرغم من محاولات باريس الحثيثة لاحداث خرق في «الجدار» السعودي – الاميركي فان واشنطن لا تزال مهتمة بملفات اخرى ترتبط حصرا بما يجري في اوكرانيا، فمدير الاستخبارات الاميركية وليام بيرنز حط بصورة مفاجئة في ليبيا في اطار اولويات ترتبط بالتموضع الصيني ومخاطر تعاون بكين مع موسكو، والتصعيد ضد تايوان، والملفّ الإيراني المشتعل، ومسائل الطاقة والصراع على النفوذ في العالم، وهي قضايا دفعت الدبلوماسية الأميركية الى ارسال مستشار الأمن القومي جيك سوليفان الى إسرائيل الذي التقى رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو، تمهيدا لزيارة وزير الخارجية انتوني بلينكن، وطبعا لبنان ليس على طاولة البحث لانه لا يشكل اولوية في عجقة الملفات الاستراتيجية الكبرى، بحسب مصادر دبلوماسية ،ولا يزال المسؤولون الاميركيون يتحدثون عن حاجة لبنان لرئيس غير فاسد دون الدخول في اي تفاصيل يمكن ان تؤشر الى جدية في البحث بهذا الاستحقاق.
غريو والشغور المسيحي؟
وفي هذا الاطار، لم تحمل السفيرة الفرنسية آن غريو جديدا على الرغم من تصريحها من السراي الحكومي بان بلاده تعمل مع الشركاء حول الملف الرئاسي، وخلال زيارتها الى عين التينة والسراي الحكومي بالامس نقلت اهتمام الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بالساحة اللبنانية بعد لقائها معه في باريس، لكن لا يمكن الحديث عن تفاؤل كبير يبنى عليه ايجابيا في اي لقاء «رباعي» مرتقب، ووفقا لمصادر مطلعة لم تقدم السفيرة اي معلومة تشير الى احتمال نجاح بلادها في احداث الخرق المطلوب اقليميا ودوليا، وهي حملت معها الكثير من الاسئلة حول الاسماء الرئاسية التي يمكن ان تشكل تسوية محتملة على الصعيد الداخلي في ظل حالة الاستعصاء الخارجي. لكن البارز كان طرح غريو مخاوف القوى المسيحية من استهداف المواقع المارونية الاساسية. وحاولت استيضاح الامر محذرة من مخاطره، لكنها سمعت كلاما واضحا من الرئيس نبيه بري حول عدم صحة هذه الهواجس واعتبارها مجرد مخاوف مبالغ فيها في اطار المزايدات الداخلية وعدد لها ابرز المواقع الاسلامية الاخرى المعرضة للشغور. وقد سمعت ايضا كلاما واضحا من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي حول عدم وجود اي نية لاستهداف اي مكون، وابلغها انه سبق وتعهد للبطريرك الماروني بعقد جلسات حكومية متى اقتضى ذلك لانجاز التعيينات في الفئة الاولى دون التوقف عند اي اعتراضات سياسية تستخدم الطائفية كمنطلق لرفض هذا الامر، ولفت نظر السفيرة الى ان 7 وزراء مسيحيين قد حضروا جلسة امس الاول.
التعيينات قد تفجر «الشارع»
تجدر الاشارة الى ان الفراغ بات يهدد مواقع حساسة في الدولة على رأسها مركز حاكم مصرف لبنان الذي يشغر في الأول من آب المقبل بانتهاء ولاية رياض سلامة، والمدير العام للأمن العام مع إحالة اللواء عباس إبراهيم إلى التقاعد بعد شهر ونصف الشهر، بالإضافة إلى مديرين عامين سيغادرون مواقعهم بعد أشهر، وقد اتفق رئيس الحكومة مع رئيس المجلس النيابي على إجراء التعيينات التي تقع في صميم الحدود الضيقة لتصريف الأعمال خصوصا ان73 وظيفة عامة ستؤول إلى الفراغ خلال هذا العام، ووفقا لمصادر رئيس الحكومة فان كل من لا يشارك في جلسة للتعيينات يتحمل المسؤولية الوطنية، لكن التعيينات ستتم سواء حضر المعترضون ام لم يحضروا. وفي هذا السياق، لفتت مصادر سياسية بارزة الى ان اي قرار للحكومة للبت بتعيينات في المواقع الحساسة خصوصاً المسيحية منها، سيفجر ازمة سياسية قد تمتد الى الشارع خصوصا ان التيار الوطني الحر قد ابلغ المعنيين انه لن يسكت ابدا عن اي محاولة «لكسره» وهو لن يقبل تجاوز القوى المسيحية في ملف خطير ستتجاوز تداعياته مجرد الاعتراض السياسي.
نصرالله: نريد رئيس «عندو ركاب»..
وكان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قد اكد أنه لن تكون هناك تسوية قريبا في المنطقة، لافتا إلى أنه يجب بناء الرؤية الاقتصادية على أنه لا استقرار في ظل الصراع مع العدو الإسرائيلي، مؤكدا أنّ الغرب عاد إلى الحرب بالوكالة كما هو الحال في أوكرانيا فيما تركيزه الآن على الضغوط الاقتصادية والعقوبات. ولفت الى انه لا يجب بناء رؤية اقتصادية وفق حسابات سياسية خاطئة بما فيها أنه ستكون هناك تسوية في المنطقة.
رئاسيا، لفت الى ان السنوات الست المقبلة مصيرية واذا اكملنا بالطريقة نفسها فالبلد ذاهب الى الانهيار اذا لم نكن بتنا بداخله. وكشف انه ابلغ رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في اجتماعهما الاخير انه يريد رئيساً للجمهورية شجاعاً لديه استعداد للتضحية ولا يهمه تهديد الأميركيين إذا قاموا بذلك، «نريد رئيسا عندو ركاب» نريد رئيسا اذا نفخ عليه الاميركيين ما يطير من قصر بعبدا الى البحر المتوسط. واضاف « نريد سلطة لا تخضع للضغوط، اما القوى التي تسمي نفسها سيادية فتعرف بالتدخلات الأميركية وتصمت صمت أهل القبور، قال نصرالله الذي اكد انه « لا نقاش حول صعوبة الوضع الاقتصادي في لبنان بمعزل عن توصيفه.وتابع، «وهذا الأمر ليس استثنائيا فهناك الكثير من الدول حول العالم تعاني من ازمات اقتصادية خانقة. بالتاكيد لا يجوز أن نيأس أو نستسلم لأن هناك من يحاول اشاعة هذا النوع من الأجواء.
لا لليأس والتخبط
وأكّد، أنّ «الأهم هو الأمل وعدم اليأس والثقة بالقدرة الوطنية وقدرة العقول في لبنان على انتاج الحلول للخروج من هذا المأزق لأن سيطرة الاحباط يعني اننا ذاهبون الى الهاوية ويجب على الجميع تحمل المسؤولية وانقاذ الوضع الاقتصادي مسؤولية الجميع من دولة وشعب ومؤسسات والخواص وخبراء. وقال «لا يجوز البقاء في حالة تخبط وارتباك كما هو الحال في السنوات الأخيرة والعمل كردات فعل على قضايا يومية. في مكان ما في مجلس النواب أو الحكومة يجب أن يبادر أحد للوصول الى أن تتبنى السلطة وتأخذ القرار وأن تنفذ رؤية لمعالجة الوضع الاقتصادي على أساسها توضع الخطط والبرامج. وزاد، «معرفة الاسباب الحقيقية للأزمة عامل أساسي في تشكيل الرؤية. في لبنان الكثير من القوى السياسية أو القوى عندما يخطبون يبسّطون الأمور فيجدون مثلا أنه «اذ حلينا القصة مع اسرائيل كل شي بينحل... أو اذا عالجنا موضوع الفساد كل شي بينحل.. هذا تبسيط.