نداء الوطن
في المشهد الحكومي العريض، حصل ما أراده نجيب ميقاتي ومن خلفه نبيه بري، فكسرا "شوكة" جبران باسيل وسحباها من خاصرة مجلس الوزراء، ليكرّسا بمعية "حزب الله" أكثرية وزارية "طابشة" عن النصف زائداً واحداً نزعت الثلث المعطل من قبضة باسيل وانتزعت مشروعية انعقاد حكومة تصريف الأعمال بموجب الفتوى "الدستورية الفقهية" التي تبنّاها السيد حسن نصرالله على قاعدة "الضرورات التي تبيح المحظورات".
وغداة التئام مجلس الوزراء غصباً عن إرادته وإقرار سلفة الكهرباء بشروط ميقاتي الذي تمكّن من تكرار أسلوب استمالة جورج بوشيكيان مع كل من أمين سلام ووليد نصار، لم يعد أمام باسيل سوى أن "يعضّ على الجرح الحكومي" واستخلاص العبر منه، على حد تعبير مصادر مواكبة للأجواء المستجدة تحت سقف مجلس الوزراء، خصوصاً وأنّ جلسة الأمس لن تكون "الثانية والأخيرة" في زمن الشغور بل هي أسست لأكثرية وزارية داعمة لانعقاد جلسات حكومية أخرى بغية استكمال بتّ "الملفات الطارئة" وفق ما أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال بدءاً من "الأسبوع المقبل أو الذي يليه".
غير أنّ أوساطاً سياسية قريبة من "ميرنا الشالوحي"، اعتبرت أنّ باسيل "يكفيه في المعركة الحكومية تأكيد المطارنة الموارنة على أنه لا يحق لرئيس الحكومة المستقيلة أن يدعو مجلس الوزراء للانعقاد من دون موافقة الوزراء وأن يصدر مراسيم ويوقعها من دون توقيع جميع الوزراء"، مبديةً في المقابل حرصها على عدم الخوض في أي ردّ أو تعليق على الموقف الذي أعلنه أمين عام "حزب الله" في الشأن الحكومي واكتفت بالقول: "له موقفه ولنا موقفنا".
واليوم يعود مجلس النواب للالتئام على نية "عدم انتخاب رئيس للجمهورية" تحت وطأة استمرار مسرحية "الورقة البيضاء وتعطيل النصاب" التي تفرض قوى الثامن من آذار وقائعها على المجلس لإطالة أمد الشغور وتسويف الاستحقاق الرئاسي. على أنّ المعلومات المستقاة من مصادر نيابية في تحالف 8 آذار توقعت أن يبادر رئيس "التيار الوطني الحر" إلى الردّ على تغطية "حزب الله" لانعقاد حكومة تصريف الأعمال بـ"السلاح الأبيض"، في إشارة إلى تخليه عن التصويت بالورقة البيضاء في صندوق الاقتراع الرئاسي في سبيل زكزكة "حزب الله" عبر تحجيم الحاصل الانتخابي للأوراق البيض رئاسياً، مقابل مبادرة "الحزب" إلى تحجيمه حكومياً.
وعشية الجلسة، برز على المقلب الآخر تصريح لافت للانتباه لمرشح المعارضة النائب ميشال معوض أراد من خلاله وضع "النقاط على الحروف" في مسألة ترشيحه، مشدداً على أنّه لا ينبع من قرار شخصي بل من "خيار وحل"، وأبدى استعداده في حال تأمن أي ترشيح آخر قادر على إيصال "رئيس جمهورية سيادي تغييري إصلاحي" لسحب ترشيحه وأن يكون "رأس حربة" في دعم معركته الرئاسية. وحتى ذلك الحين، جدد معوض تصميمه على استكمال المواجهة مع "مخطط" الفريق الآخر لأنّ "الخضوع لن يؤدي إلا إلى مزيد من انهيار الدولة ومؤسساتها والتعتير والذل"، محمّلاً في الوقت نفسه "النواب الذين جرى انتخابهم على أساس أنهم معارضة" مسؤولية البقاء على "ضفة التاريخ والتهرّب من المسؤوليات"، انطلاقاً من أنّ "التعطيل والتسخيف وجهان لعملة واحدة" ووضع البلد لم يعد يحمل "المزح والشعارات السخيفة"، مع الإشارة إلى أنّ النقاش الجاري مع الأطراف السياسية الداعمة لترشيحه يهدف إلى وضع مبادرة مشتركة تحت عنوان "لا للخضوع لا للتعطيل ولا للتسخيف".