محمد علوش - الديار
ليس بند الكهرباء وسلفة الـ 62 مليون دولار، هما الأكثر اهمية على طاولة مجلس الوزراء التي يفترض أن تعقد اليوم، بل علاقة حزب الله بالتيار الوطني الحر، فالأخير غير قادر على «هضم» مشاركات الحزب بجلسات حكومة تصريف الاعمال، والحزب غير قادر على تحمّل الفراغ الرئاسي والفراغ الحكومي. إن هذه العلاقة لم يعد بإمكانها الإستمرار على نفس الحال، وهو ما يعلمه الطرفان، لكن ماذا عن الخاسر والرابح من انفصال شريكي مار مخايل؟
من الناحية العملية، التطور الوحيد المنتظر في الوقت الراهن، هو تداعيات إنعقاد جلسة مجلس الوزراء على العلاقة بين حزب الله و»التيار الوطني الحر»، التي كانت قد توترت بعد جلسة مجلس الوزراء السابقة، لكن من دون أن يقود ذلك إلى إعلان الطلاق بينهما، نظراً إلى أن كل طرف منهما لا يزال يعلن الحرص على هذه العلاقة ولو على طريقته الخاصة.
في هذا السياق، قد يكون لافتاً أن أيّاً منهما لم يذهب إلى أي خطوة إيجابية بإتجاه الآخر، في الفترة الماضية التي تلت انعقاد الحكومة لأول مرة، بينما اليوم بات التركيز منصّباً على معرفة ردة فعل التيار على مشاركة وزيري الحزب في الجلسة الجديدة المقررة اليوم، ما يعني أن الأمور بينهما مرشحة إلى الذهاب إلى أكثر من سيناريو.
لنفترض أن العلاقة انتهت، ولم تنجح محاولات رتق ثوب التفاهم الذي خاطه السيد حسن نصر الله والرئيس ميشال عون عام 2006، فكيف ستكون التداعيات؟
حزب الله، المتمسك بترشيح سليمان فرنجية، سيفتقد التحالف مع حيثية مسيحية وازنة، لن يكون من السهل تعويضها، بسبب واقع العلاقة المعروف مع حزب «القوات اللبنانية»، الأمر الذي لا يمكن التقليل من أهميته على الإطلاق، بالرغم من اعتبار البعض أن حاجة حزب الله الى شريك مسيحي تبدلت مع الوقت، وهو لا يمكن أن يكون صحيحاً، في ظل غياب مرجعية سنية واضحة، وعلاقة تقف على «صوص ونقطة» مع المرجعية الدرزية، لكن بنفس الوقت فإن الحزب لا يمكن أن يُجاري التيار بكل ما يُريده لاختلاف الاولويات والمقاربات.
في المقابل، التيار الذي يعاني من عزلة داخلية بسبب علاقته المتوترة مع غالبية الأفرقاء، سيكون، بحال خرج من تحالفه مع حزب الله، قد فتح الباب أمام إمكانية إرسال أكثر من رسالة إلى الداخل المسيحي، خصوصاً أنه مستقل بخياراته عن حزب الله، وإلى الخارج بأنه لا يمكن النظر إليه على أساس أنه تابع للحزب، الأمر الذي كان المبرر الأساسي لفرض العقوبات الأميركية على رئيسه، لكن كل هذا قد لا يكون مفيداً له، لأن هذه الرسائل قد لا تجد من يتلقفها، فالقوى المسيحية ستترك باسيل يتخبط وحيداً، وهو الذي حاول عزلها خلال العهد الرئاسي، والقوى الخارجية تستطيع فتح قنوات تواصل مباشرة مع حزب الله، وهذا ما يعنيها من لبنان.
في معادلة الرابح والخاسر، لا يمكن منذ الآن الحديث عن المستفيد الأكبر من الطلاق بين الجانبين، نظراً إلى أن هذا الأمر مرتبط بظروف المرحلة المقبلة، والخطوات التي من الممكن أن يذهب إليها كل منهما، لكن الأكيد أن الخسارة الأولى والأساسية ستكون على الحزب والتيار معاً، بينما الرابح الأساسي سيكون باقي القوى السياسية التي كانت ترى في هذا التحالف سبباً في تقوية حضور هذا التحالف وسيطرته على السلطة.
لا يمكن لتفاهم مار مخايل أن يستمر كما هو، كما لا يمكن للطلاق أن يكون مفيداً، لذلك فإن الحل برسم إطار جديد للتفاهم، قبل أن تصبح العودة صعبة.