دموع الأسمر - الديار
الفلتان الامني في طرابلس بلغ ذروته في الآونة الاخيرة، وباتت شوارع الفيحاء ومعظم احيائها غير آمنة، سواء اعترف البعض ام لم يعترف بما آلت اليه الاوضاع الامنية في هذه المدينة، الرازحة تحت خط الفقر، والمحاصرة معيشيا واقتصاديا الى حد الاختناق ...
عند غروب الشمس يخشى كثيرون التجوال في شوارع المدينة، فحوادث النشل والسطو مسلسل يومي، وتسيطر هذه الحوادث بتداعياتها على الحياة الاجتماعية والاقتصادية والتجارية، لدرجة ان الاوساط الطرابلسية باتت تتلمس بصمات مؤامرة تستهدف المدينة، ولعلها تخطط لفوضى تعيدها مدينة صندوق بريد في ظل الفراغ الرئاسي وازمة حكومة تصريف الاعمال، والعجز عن حل ازمة الكهرباء، فطرابلس هي الساحة التي تتفجر فيها النزاعات والصراعات السياسية اللبنانية، والمواطن الطرابلسي ومعه الشمالي عموما يدفعون الاثمان الباهظة لهذا الفراغ المتعدد الاوجه.
قيل ان بعض الاعلام او مواقع التواصل الاجتماعي تبالغ في تسليط الاضواء على طرابلس، ويذهب القائلون بعيدا في القول ان مؤامرة تستهدف طرابلس بتصويرها مدينة غير آمنة ومستباحة ... غير أن واقع الحال في المدينة يعكس حجم الفلتان الامني الذي بلغته طرابلس، وما يحصل اكثر بكثير من مناطق لبنانية أخرى، بل ان الشمال بمجمله باتت حوادثه الامنية تفوق حوادث المناطق الاخرى...
في ليلة واحدة، تسجل خمس حوادث نشل وسلب واشكال مسلح في شوارع المدينة، وقد توزعت بين القبة والتبانة والميناء والبداوي، وصولا الى منطقة ضهر العين( الكورة اداريا)، لكنها تشكل امتدادا جغرافيا طرابلسيا.
في كل يوم اشتباك مسلح، ونزاعات شخصية تستعمل فيها اسلحة فردية، او سكاكين. وفي كل يوم اطلاق رصاص وهي المعزوفة الليلية التي اعتاد عليها الطرابلسيون ..وفي كل يوم، تقريبا، موظف "دليفري" يتعرض للنشل، او إمرأة ينتزع منها هاتفها او حقيبتها في الشارع. وفي كل يوم تقريبا مجهولون على دراجات نارية يتجولون في الشارع بحثا عن فريسة.
في النهار مشاهد الدراجات النارية تشي بان اعدادها تقارب عدد السيارات، ولعل طرابلس المدينة الاكثر انتشارا للدراجات النارية، التي يغض النظر عنها بحجة ان الفقراء عاجزون عن شراء سيارة، فيلجأون الى الدراجة النارية وسيلة تنقل، لكنها وسيلة تحولت في ظل الفوضى، الى وسيلة ارتكاب عمليات النشل والسطو، ولتوزيع حبوب الهلوسة والمخدرات...
اوساط طرابلسية اعتبرت ان مدينتهم تتعرض لمؤامرة، ولكنها مؤامرة بادوات محلية خارجة على القانون، تستغل سوء الاوضاع المالية والمعيشية والاقتصادية، كما تستغل الارباك الذي يسود ادارات الدولة وانشغالاتها السياسية العليا. ففي غياب الرادع والحساب يعبث المجرمون ويجدون فرصهم لنفث سمومهم في المجتمع، او ان هناك ايد خارجية تدفع بعناصر مختلة لبث الفوضى والخوف والرعب، لغايات ابعد من طرابلس ومن الشمال...
ويلاحظ الطرابلسيون، ان الاجهزة والقوى الامنية ضمن امكانياتها، تبذل قصارى جهدها في ملاحقة المخلين بالامن والمرتكبين، والمداهمات تتواصل على مدار الساعة لملاحقة المطلوبين، فان هذه الاجهزة والقوى تعمل وسط ظروف استثنائية غير مسبوقة، واوضاع مالية ومعيشية ضاغطة عليهم، كما هي ضاغطة على اي مواطن لبناني...
غير ان الاوساط الطرابلسية ترى ان الحل هو بوضع خطة امنية شاملة، شرط أن لا تكون آنية ومرحلية لايام او لاسابيع، تشد في البداية ثم "ترخي" لاحقا، عدا عن ان الخارجين على القانون، من عصابات واصحاب ملفات وسوابق ومروجي مخدرات، معروفون من قبل الاجهزة....
وتخلص الاوساط الى اهمية بسط الامن والامان واعادة الاستقرار الى المدينة، كي لا تتحول من جديد الى بؤرة امنية تهدد الساحة اللبنانية، وهو امر ضروري لتفويت الفرص على المتآمرين الذين يستهدفون امن وامان واستقرار الطرابلسيين.