عبد الرؤوف سنّو في دولة لبنان الكبير 1920-2021: يثير إشكاليّات التعايش والحياد والمصير
عبد الرؤوف سنّو في دولة لبنان الكبير 1920-2021: يثير إشكاليّات التعايش والحياد والمصير

أخبار البلد - Saturday, January 14, 2023 7:52:00 AM

كتب د. أندريه نصار في الجمهورية

يأتي كتاب الدكتور عبد الرؤوف سنّو «دولة لبنان الكبير 1920-2021: إشكاليّات التعايش والحياد والمصير»، في الذكرى المئويّة الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير في العام 1920. ولكنّ هذه الذكرى حلّت مترافقة مع أحداث شهدها العام 2020 و2021، شكّلت امتدادًا لما انتهى به العام 2019، بانتفاضة شعبية عمّت الشوارع في مختلف مناطقه.


في ظلّ هذه التراكمات، والوضع السياسيّ والاقتصاديّ السيّئ، حلّت مئوية لبنان الكبير، وبدلًا من أن تحمل دروسًا وعبرًا يستفيد منها اللبنانيون، كانت مناسبة لتنبيههم إلى أنّ هذا الوطن لا يمكنه الاستمرار تحت قيادات تُمعن في تمزيقه خدمة لمصالحها الخاصة، على حساب شعب بات ينوء تحت حمل تركة ثقيلة، سببتها سياسات خاطئة لم تأخذ في الاعتبار يومًا حاجات مكوّنات هذا الوطن.

 

من هنا تنبّه الدكتور سنّو إلى هذا الواقع الخَطِر الذي يتخبّط به لبنان بعد مئة عام من ولادته، فعزّ عليه هذا المشهد المؤلم، وأدرك حساسيّة المرحلة، في وقت تشهد فيه المنطقة تحوّلات وتبدّلات سريعة في خريطة العلاقات الدوليّة. واستشرف أيضًا المصير الذي يمكن أن يؤول إليه الوضع في لبنان، إذا استمرّت الأمور على ما هي عليه، ولا سيّما في حال بدأت تتخلخل بعض المرتكزات الأساسيّة التي يقوم عليها لبنان، وفي مقدّمها التعايش. يرى سنّو أنّه تعايش مأزوم من الميثاق الوطنيّ إلى سقوط حكومة سعد الحريري الأولى (1943-2011). هذه المرحلة توّجت في بدايتها بما سُمّي «الميثاق الوطني» الذي تعايش لبنان في ظلّه، وغدا خريطة الطريق للسياسة التي انتهجها مَن تعاقبوا على الحكم، إلى أن كان اتفاق الطائف الذي حاول وضع تصوّر جديد لنهج الحكم، أثبت، هو الآخر، فشله في إيجاد أسس ثابتة تُخرج لبنان من الطائفيّة السياسيّة وتُدخله نادي الدول المدنيّة أو العلمانيّة.

 

لا يحمّل سنّو تبعات المرحلة الراهنة للتعايش المأزوم فقط، بل يخوض في عمق مرحلة دقيقة من تاريخ لبنان المعاصر، فرضها إعلان دولة إسرائيل منذ العام 1948، ألا وهي اتفاق القاهرة في العام 1969 وتداعياته، فكانت بمثابة تسوية كارثيّة تحلّ بالوطن، انعكست مفاعيلها سلبيًّا على لبنان، وأوصلت الأوضاع فيه إلى حافة الانفجار، فكانت الشرارة في العام 1975، بعد عقد ونصف العقد من ذلك الاتفاق الذي كان على حساب السيادة اللبنانية. وتكرّس انتهاك هذه السيادة لاحقًا في الصراع الإسرائيلي - السوري على لبنان، وما جرّه من ويلات وتداعيات حوّلت لبنان إلى ميدان للصراع الإقليمي، تظهّرت نتائجه في ما سُمّي الوجود العسكري السوري في لبنان، وما أسفر عنه من تلاعب بالسياسة الداخلية، وصولًا إلى الانسحاب في أعقاب اغتيال الرئيس رفيق الحريري في شباط 2005، ما ترك الساحة أمام «حزب الله» كي يملأ الفراغ، ويصبح شريكًا أساسيًّا في فرض المعادلة السياسيّة الداخليّة.

 

أمام التحدّيات التي بات يواجهها لبنان، وبعدما فقد تألّقه الاقتصاديّ - الاجتماعيّ نتيجة نهبه وإفقار شعبه، يطرح سنّو تساؤلات حول خيارات لبنان المستقبل، هل هي الفدرالية وأخواتها: ديمقراطية الأكثرية والمثالثة أم الدولة المدنية؟ إنّها أسئلة جوهريّة، ولا سيّما في ظلّ إطلاق القوى المتحكّمة في مصير البلد تصاريح يتبنّى فيها كلّ طرف الخيار الذي يخدم مصالحه الطائفيّة بالدرجة الأولى، من دون أخذ مصلحة الوطن في الاعتبار. وهذا الأمر يثير مخاوف سنّو، لأنّه يمكن أن يكون المسمار الأخير في نعش الوطن، ولا سيّما أنّ لبنان بات، في رأيه، أمام مواجهة التحدّيات المصيريّة الراهنة المتمثّلة بتلاشي مقوّمات الصمود وتصاعد احتمالات التفكّك.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني