ميشال نصر - الديار
مع انتهاء عطلة الأعياد، عادت عجلة الحركة السياسية إلى الدوران من جديد من حيث توقفت، رغم سيطرة أجواء التشاؤم، التي عززتها قراءات المنجمين والمبصرين، في ظل غياب اي حوار جدي داخلي علني حتى الساعة، بين من يفترض انهم أصحاب القرار، وعدم ظهور ملامحُ أو بوادر واضحة لاتصالات دولية واقليمية، كان وعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عشية رأس السنة، بأنه سيبادر إلى إجرائها من أجل بلورة تصور للحل، يسمح بالخروج من أزمة الشغور في الرئاسة الأولى، في حال اغتنم المسؤولون اللبنانيون اللحظة المؤاتية، قبل هبوب عواصف الأزمات الدولية والاقليمية، والتي قد تلفح رياحها الساخنة الساحة الداخلية اللبنانية، بعدما بدأت غيومها تتلبد في سماء المنطقة، من التطورات في الأراضي المقدسة، إلى الملف الإيراني ، وما صرحت به موسكو عن انتقال واشنطن وحلفاءها إلى الخطة «ب» .
فبعدما كانت الأنظار متجهة الى زيارة وفد قضائي اوروبي من ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ الى بيروت، بهدف جمع شهادات مسؤولين ماليين ومصرفيين، في إطار التحقيقات المتعلقة بعمليات اختلاس وتبييض أموال وإثراء غير مشروع، احتلت مواقف «حكيم معراب» والرسائل الالغاز التي حملتها الكثير من المعاني، خصوصا انه في حال صحت التفسيرات التي رافقتها ، فهي كفيلة بقلب المعطيات ،واحداث تغييرات في تكتيكات الاطراف في ادارتهم للمعركة الرئاسية.
واضح ان معراب قرأت جيدا في كتاب «الاستيذ»، وادركت ان «كاس الحوار» لا مفر منه، فكان كلام جعجع الذي ابدى للمرة الاولى انفتاحا تجاه باسيل وان «مشروطا»، والاهم اعلانه صراحة انه يمكن ان يتقاطع معه على اسم رئيس للجمهورية، «فمش كل اسم بيطرحو مرفوض»،وهنا بيت قصيد الرسائل التي اصاب حارة حريك، والذي قد يدفع الى تحرك عاجل باتجاه البياضة قبل ان تفلت اللعبة، وفقا لمصادر مطلعة.
وتتابع المصادر بان اجواء زيارة التهنئة التي قام بها وفد «القوات اللبنانية» الى بكركي كانت ايجابية، خصوصا عندما طرح سيد الصرح مسألة «حوار او لقاء» ترعاه بكركي، اذ لم يجابه بالرفض كما كان الوضع سابقا، يضاف الى ذلك وجود معلومات عن لقاءات جرى التكتم عليها، عقدت بين «الوطني الحر» و»القوات اللبنانية»، بناء لنصائح خارجية تبلغها الطرفان ،بحثت مجموعة من المسائل ،اهمها وضع جدول اعمال باهم النقاط الملحة التي يجب مقاربتها ،ويمكن طرحها في حال عقد لقاء بين رئيسي الحزبين.
ورغم التشكيك من جهات عدة، تشير المصادر الى ان هذه الخطوة ستعيد رسم التوازنات، اذ ان الكثير من الرهانات التعطيلية قائمة على فرضية عدم امكان تلاقي الطرفين، وهو اذا حصل سيكون مختلفا عن التسوية السابقة بين الطرفين التي اوصلت العماد ميشال عون الى بعبدا، اذ يمكن ان تكون على اسم الرئيس العتيد وليس على تقاسم الحصص، وهي في هذا الاطار يمكن ان تكون ثنائية بداية، على ان يتبعها انضمام اطراف مسيحية اخرى اليها برعاية بكركي.
لكن هل يعني كل ذلك ان الامور قد انجزت؟ بالتاكيد لا، الا ان جعجع اخذ على ما يبدو المستجدات السياسية الحاصلة بعين الاعتبار، واللقاءات التي شهدتها الايام الاخيرة داخليا وخارجيا، وقرر على ضوئها الهجوم الى الامام. اوساط الوطني الحر اعتبرت ان الكلام فيه من الايجابية ما يمكن البناء عليه ، سواء في حوار مباشر او غير مباشر ،وهو خطوة «متقدمة»،الا ان الامور تبقى مرهونة باوقاتها، والاهم بالآليات التنفيذية لاي لقاء بين الاطراف المعنية،معتبرة ان اي تقارب مع معراب غير مرتبط بالعلاقة مع حزب الله، التي باتت «عطوبها» معروفة من الجميع، وكذلك كيفية اصلاحها.