ضجت وسائل الإعلام قبل أيام بخبر زيارة لـ3 وفود لمحققين أوروبيين من كل من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ إلى لبنان، بعدما أبلغت هذه الوفود النيابة العامة التمييزية في لبنان بقرارها بالحضور ما بين 9 و20 كانون الثاني الجاري.
بعد أيام على انتشار الخبر، تبيّن أن ما حصل لا يأتي على الإطلاق في سياق تعاون قضائي بين الدول الأوروبية المذكورة وبين الدولة اللبنانية، لا بل أتى بمثابة محاولة فرض من هذه الدول على لبنان بشكل غير مسبوق لناحية التعاطي بين الدول، وما حصل يشكل اعتداءً سافراً وغير مسبوق على السيادة اللبنانية.
وأكدت مصادر قضائية لبنانية رفيعة لموقع mtv أن النيابة العامة التمييزية ردت فوراً على الرسائل الأوروبية "الغريبة" بإبلاغ السلطات القضائية المعنية في هذه الدول بالرفض التام لأي تعاون للبنان معها، بما يعني وبشكل واضح أن القضاء اللبناني والضابطة العدلية اللبنانية ترفض القيام بأي عملية تبليغ أو استدعاء أو تحقيق لأي من الأسماء التي ترغب الوفود بالاستماع إليها، وبالتالي فلن يكون بمقدور هذه الوفود الاستماع لأي شخصية لبنانية.
كما أن الجواب اللبناني كان جازماً بأن هذه الوفود لن تلقى أي استقبال في مطار الرئيس رفيق الحريري في بيروت ولا في قصر العدل، ما يحتّم عليها في هذه الحال أن تمكث في إحدى سفاراتها في بيروت!
وتلفت المصادر القضائية الرفيعة إلى أن الاتفاقيات القضائية التي تربط لبنان بالدول الأوروبية واضحة وصريحة وهذه الوفود تسعى الى انتهاكها، إذ أن الاتفاقيات المشار إليها تنص على التعاون القضائي وفق ما تقتضيه مصلحة كل دولة، ويحق لأي قضاء أن يقبل بما يشاء وأن يرفض ما يشاء، كما أن ادعاء الوفود المذكورة أنها ترغب بالتحقيق في قضية تبييض أموال ذهبت إلى مصارف أوروبية، فيصح السؤال كيف استقبلت المصارف الأوروبية المعنية طوال 20 عاماً أموالاً مشكوكاً فيها كما تدّعي الوفود القضائية؟ والأهم لماذا رفضت كل هذه الدول تزويد القضاء اللبناني بأي معلومات تفصيلية عن عمليات تحويل الأموال من لبنان إلى مصارفها؟
تكتفي المصادر القضائية الرفيعة بهذه التعليقات مؤكدة بأن الطريق مسدود أمام محاولة الوفود القضائية الأوروبية استباحة السيادة القضائية اللبنانية لأهداف بات يدركها القضاء اللبناني.
وهنا يصبح السؤال حتمياً: هل فشلت مهمة الوفود القضائية الأوروبية قبل أن تبدأ؟ وهل تعيد هذه الدول النظر في زيارات وفودها وممارساتها قبل موعد 9 كانون الثاني فتمتنع عن القيام بمثل هذه الزيارات الاستفزازية؟