فادي عيد - الديار
لم يكن موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري مفاجئاً حول دعوته للحوار، ومن ثم قوله أن ثمة استحالة لجمع القوى السياسية للتحاور، وهذا ما يؤكد المؤكد، وفق المعلومات المستقاة من أكثر من جهة سياسية، بأن بري لديه من المعلومات والمعطيات ما يكفي للأسباب والدوافع التي أملت عليه الإنكفاء عن الإصرار على الدعوة إلى طاولة الحوار.
وتقول مصادر مقربة من بري إلى أنه على بيّنة من تحضيرات ستنطلق بعد الأعياد في العاصمة الفرنسية لعقد لقاء رباعي تشارك فيه إلى باريس، الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وقطر، وسيكون حاسماً لإعلان تسوية تتخطى ما جرى في الدوحة، نظراً لحجم المشكلات في لبنان وخطورتها، وذلك، من خلال سلّة واحدة تشمل رئاسة الجمهورية والحكومة وتعيينات إدارية في الفئة الأولى لاحقاً.
أما لماذا هذا القلق من المؤتمر الرباعي؟ تقول االمصادر أن ثمة مؤشّرات عن حرب قاسية قد تشهدها أوروبا خلال الأشهر القليلة المقبلة على خلفية الحرب الروسية ـ الأوكرانية وإمكانية دخول بيلاروسيا فيها، وإلى إمكانية مشاركة أطراف أخرى، مما سيشعل هذه القارة، ويؤدي إلى حرب أخرى إقتصادية عالمية في حال لم تنجح الإتصالات لمنع شبح الحرب، وبالتالي الدخول في مفاوضات بين الروس والأميركيين لوقف الأعمال العسكرية بين روسيا وأوكرانيا، ولكن حتى الآن كل الأمور تصبّ في خانة الأزمة الإقتصادية الدولية الخانقة، والتي ستكون أوروبا مسرحها، وتجنباً لما يمكن أن يحدث في لبنان من خلال تداعيات هذه الأزمات والحروب، وفي ظل ما يعانيه من خطورة على كل المستويات، فإن التسوية قد تكون في شباط المقبل، ما يشير إليه أكثر من متابع ومواكب لما يحصل في الخارج.
وتتابع المصادر نفسها أنه وبناء على هذه الأجواء، فإن بري يدرك سلفاً أن طاولة الحوار، ولو انعقدت، لن تكون إلا كسابقاتها من الفشل الذريع في ظل حالة الإنقسام العامودي بين سائر المكونات السياسية، وصعوبة التوصل إلى توافق على مرشح إجماع لرئاسة الجمهورية، لا بل أن معطيات الأيام القليلة المنصرمة، ألمحت إلى مزيد من التعقيدات وصعود وهبوط مرشحين أساسيين وسواهم، نظراً إلى ظروف داخلية ودولية.
واشارت المصادر الى أن ثمة غربلة للأسماء المطروحة بقوة، أو اللجوء إلى خيارات جديدة خارجة عن التداول الجدّي بعدما كانت هناك أسماء شبه محسومة من أجل تسهيل الحلول إثر وضع جهات كثيرة «فيتوات» على أكثر من مرشح، وتحديداً رئيس «تيار المردة» النائب السابق سليمان فرنجية، أو قائد الجيش العماد جوزيف عون، ولكن حتى الآن، وبفعل التواصل مع العواصم المعنية بالشأن اللبناني، ليس هناك من أي خيار محسوم، إنما كل الأمور واردة، وذلك مرتبط بالتطورات الجارية راهناً في المنطقة وعلى الصعيد الدولي، وتحديداً الحرب الروسية ـ الأوكرانية، وإلى أي مدى ستكون التحوّلات في الأيام القادمة، في خضم ما يجري اليوم من أحداث دراماتيكية سياسية وميدانية، الأمر الذي يستوجب انتخاب رئيس قادر على الإمساك بزمام الأمور في مثل هذه الظروف الإستثنائية.
ad
ويبقى، أن مرحلة الأعياد لم توقف عجلة الإتصالات في الداخل والخارج، باعتبار أن كافة القوى والأطراف والمرجعيات السياسية، وبما لديهم من أجواء، يدركون سلفاً أن وضع البلد لا يتحمل أي خضّة مهما كان حجمها، والإطالة في أمد الشغور الرئاسي سيربك الجميع من هذا الطرف وذاك، لا سيّما انشغال العالم بأسره بما يجري في أوروبا من حروب عسكرية واقتصادية.