الشرق الأوسط
خرق الجمود الذي فرضته عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، المعايدات بين الفرقاء اللبنانيين التي رافقها بعض المواقف السياسية، لا سيما المرتبطة بالانتخابات الرئاسية؛ إذ كان تجديد التأكيد على أن الأولوية تبقى في هذه المرحلة لانتخاب رئيس للجمهورية، في حين لا تزال أطراف أخرى تعتبر أنه لا بد من الحوار لإيجاد حل لملف الرئاسة.
وسجل أمس (الاثنين) اتصال معايدة من قبل رئيس البرلمان نبيه بري، بالبطريرك الماروني بشارة الراعي الذي نقل عنه النائب في كتلة حزب «القوات اللبنانية» شوقي الدكاش، قوله لرئيس البرلمان معاتباً: «كنت أنتظر منك معايدة من خلال انتخاب رئيس للجمهورية»، فأجابه بري: «دعوتهم للحوار مرتين ولم يلبوا، فكررت قولي إن الأولوية اليوم هي لانتخاب رئيس». وقد كرر الراعي القول إن «الدولة لا تسير من دون رأس، ولبنان يموت من دون رئيس».
وتمنى الدكاش على الراعي، حسبما أعلن، «تسمية من يعطلون انتخاب الرئيس بالاسم، مع معرفتي أن بكركي تسعى دوماً إلى الجمع لا التفرقة، لكنني أعرف أيضاً أنها تشهد دوماً للحق والحقيقة».
في المقابل، استمرت المواقف السياسية المرتبطة بالملف الرئاسي على حالها. وجددت «حركة أمل» تأكيدها على أهمية الحوار بعدما كان قد دعا رئيسها، بري، له مرتين «من دون أن يلقى تجاوباً». وسأل النائب هاني قبيسي: «لماذا الهروب من الحوار لإنجاز استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية، في الوقت الذي لا يمكن لأي فريق في البلد الانتصار على الآخر؟». وقال خلال احتفال في الجنوب: «بعض الساسة في لبنان يسعون لتعميم الفوضى؛ لأن من يزرع الخلافات تحت عناوين طائفية ومذهبية وحقوق طوائف وأحزاب ومذاهب، يهدف إلى الفتك بالوطن وبالدولة وبالمؤسسات، سعياً لانتصار شخصي». وسأل: «لماذا الانتظار؟ أمِن أجل أوامر وتعليمات خارجية؟ إن تأجيل الحل وتعميم الفوضى هو مشروع يعمل لمصلحة من يفرض العقوبات. لبنان محاصر اقتصادياً بعقوبات وصلت إلى كل بيت، والبعض لا يريد حلاً نصل من خلاله لانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة تضع خطة للإنقاذ وللاستقرار». وأعلن «حزب الله»، على لسان النائب حسن عز الدين، أن «الهدف من إسقاط ورقة بيضاء في انتخابات رئيس الجمهورية، هو لإبقاء الباب مفتوحاً أمام مكونات المجلس النيابي الأخرى للحوار، ولإمكانية التفاهم على مرشح يحظى بغالبية نيابية وازنة».
وأكد أنه «لن يكون هناك رئيس يتم فرضه على اللبنانيين بإملاءات وبتوافقات خارجية دون أن يكون هناك توافق داخلي على ذلك». وشدد على أن «باب الحوار هو مدخل طبيعي وفعلي وحقيقي للتوصل إلى تفاهم حول مرشح ينال الغالبية المطلوبة في المجلس النيابي، لا سيما أن التشرذم والانقسامات التي حصلت نتيجة الانتخابات الأخيرة في لبنان، زادت من تعقيدات انتخاب رئيس للجمهورية»، معتبراً أنه «لا يمكن أن يصل إلى سدة الرئاسة مرشح تحدٍّ أو مرشح لا تطمئن المقاومة من خلاله بأن ظهرها محميّ».
وفي الإطار نفسه، قال نائب الأمين العام لـ«حزب الله»، نعيم قاسم: «للرئيس مواصفات، ونحن نريد رئيساً مجرباً بالسياسة، قادراً على التواصل مع الجميع داخلياً وخارجياً، أولويته الإنقاذ الاقتصادي، لا ينحاز ولا يستفز ولا يخضع للإملاءات الخارجية، وهذه هي صفات نستطيع أن نبني عليها».
واعتبر في حديث إذاعي، أن «علينا الذهاب إلى حوار والاتفاق على أن يكون هذا الحوار مبنياً على أولوية المعالجة الاقتصادية والإنقاذ وترحيل القضايا الخلافية إلى مرحلة لاحقة، ونحن نسعى لأن يكون هناك رئيس للجمهورية في أسرع وقت، وليس صحيحاً أن نبني على أن الشغور هو الأصل، لكن التنوع في المجلس النيابي يجعل انتخاب الرئيس يتطلب دقة واتفاقاً بين الكتل النيابية». وأوضح أنه «في الشؤون الداخلية السياسية اللبنانية لا أكثرية ثابتة، وكل موقف يحتاج إلى تقاطع في القناعات، وانتخاب رئيس للجمهورية يحتاج إلى نقاش وتوافق مع الكتل السياسية في المجلس النيابي».
ودافع قاسم عن عهد الرئيس السابق، ميشال عون، قائلاً إنه «واجه صعوبات استثنائية لم يواجهها رؤساء سابقون، منها الهجمة الأميركية على لبنان لتغيير الاتجاه السياسي للبلد، ووباء (كورونا)، ووجود النازحين السوريين، والمظاهرات في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، والتدهور الاقتصادي في البلاد».
وتحدث عن علاقة الحزب بـ«التيار الوطني الحر»، قائلاً: «علاقتنا اليوم فيها خدش، لكن نحن حريصون كـ(حزب الله) أن تستمر هذه العلاقة، وأن يستمر التفاهم، كما أنَّ (حزب الله) و(التيار الوطني الحر) مقتنعان أن في التفاهم مصلحة للبنان وللطرفين، وهذه المصلحة ما زالت موجودة، والأمور تعود إلى مجاريها بطريقة من الطرق». وعن مقتل الجندي الآيرلندي في الجنوب، قال: «ما حصل مع (اليونيفيل) حادثة موضعية لا تبعية ولا هدف سياسي منها، وهي بنت ساعتها بأخطاء حصلت في الميدان، وحادثة العاقبية مرّت، ولا بد من استكمال التحقيق فيها حتى لا تتكرر».