تتوالى تبعات الهجوم الذي نفذه رجل مسلح في العاصمة الفرنسية، يوم الجمعة الماضي، عندما أطلق النار وسط الدائرة العاشرة من باريس، فأوقع ثلاثة قتلى، في حادث أجج غضبا واسعا وسط الجالية الكردية، وسط تساؤلات حول دوافع المنفذ.
ومثل المشتبه فيه؛ وهي فرنسي الجنسية، أمام القضاء، فيما كانت الشرطة قد ألقت القبض عليه في يوم الحادث.
وحسب بيان الادعاء العام الفرنسي، فإن التحقيق ينظر في توجيه تهم القتل والشروع بالقتل وحيازة سلاح بدون تصريح، بحق المتهم الذي كان قد قال عقب إلقاء القبض عليه، بإنه قد فعل ذلك لأنه عنصري يكره الأجانب .
تفاصيل مثيرة
• الدافع العنصري للجريمة يبدو واضحا تماما وفق محللين نفسيين، حيث وصف القاتل بأنه يشعر بالاكتئاب ولديه نزعات انتحارية، كما أخبر المحققين أنه كان "يشعر برغبة في قتل مهاجرين أجانب".
• وفق وزارة العدل الفرنسية، فإن المتهم "أكد أنه حاقد على كل المهاجرين، وقد هاجم أشخاصا لا يعرفهم، موضحا أنه غاضب من الأكراد لأنهم أسروا مقاتلين أثناء محاربتهم تنظيم داعش بدلا من تصفيتهم".
• وحسب التحقيقات، فإنه كان ينوي استخدام كل الذخيرة التي كانت بحوزته، والانتحار بآخر رصاصة، لكن عدة أشخاص تمكنوا من السيطرة عليه في صالون للحلاقة كان قد اقتحمه ثم اعتقلته الشرطة لاحقا.
• يقول عدد من الأكراد في فرنسا إن الهجوم دوافعه سياسية وليس مجرد عنصرية، لأنه يستهدفهم بالذات، كما جرى خلال "اغتيال" 3 ناشطات سياسيات كرديات في باريس في يناير 2013، متهمين السلطات الفرنسية بالتقصير في حمايتهم.
• ورغم اختلاف الروايات والتكهنات حول دوافع المتهم واللغط الذي يدور حول شخصيته، خاصة أن لديه سوابق عنفية حوكم بالسجن بسببها، فإن الثابت وفق المعطيات والمعلومات المتاحة أنه يعاني من اضطرابات سلوكية ونفسية مزمنة.
التشخيص النفسي
يقول الاستشاري والطبيب النفسي الدكتور قاسم صالح، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية"، "الجريمة في المفهوم السيكولوجي نوعان :
• الأولى: سريعة تحدث بلحظتها دون تخطيط وتربص، ودون قرار، فيكون الدافع الرئيس فيها نفسيا ناجم عن انفعال أقوى من قدرة الشخص على السيطرة عليه في تلك اللحظة.
• الثانية: مخططة تحدث نتيجة إعداد وتدبير مسبقين وبقرار متخذ سلفا.
يوضح الخبير أن كلا الجريمتين لا تعفيان المرتكب من العقوبة، حتى وإن اختلفت درجتها ومدتها، ويكون للتخفيف فقط للمصابين باكتئاب حاد أو انفصام شخصية، وبينهم من يقتل أحب الناس وأقربهم كأمه مثلا.
وبحسب وسائل الإعلام، فإن الفرنسي الذي قتل 3 أكراد سائق قطار متقاعد يبلغ من العمر 69 عاما وله سوابق جنائية وإجرامية.
التشخيص الرئيس لحالته النفسية يأتي من تصريحه أمام قاضي التحقيق حيث قال: "أشعر بكراهية مرضية حيال الأجانب"، والمعلومات الأولية تشير إلى أنه مصاب باكتئاب، وأنه كان قد خطط لقتل أكبر عدد من الأجانب وتسديد الطلقة الأخيرة صوب رأسه.
من الناحية النفسية، تعد العنصرية أحد أعتى أشكال التعصب وأخطر درجاتها، حيث تتحول عندها الكراهية إلى حقد وتدفع المصاب بالعنصرية رغما عنه حتى إلى الإساءة للآخر المختلف، وحتى الاعتداء عليه لفظيا وجسديا، وقد يصل الأمر لحد القتل.
يوضح الخبير أن كل متعصب وكل عنصري فهو مريض نفسيا، لأن "الكراهية تتحكم فيه وتسيطر عليه عقدة الاستعلاء، حيث يرى الناس من فوق ظهر بعير. فيما السليم نفسيا يكون أقوى من هذا المرض ويتسم بالتسامح والانفتاح على الآخر".
ويوضح الخبير أنه في حالة منفذ هجوم باريس، يبدو أن كراهية الأجانب لديه متأصلة وشديدة، حتى أنه صار خاضعا لنفسية الانتقام، لأنه يرى الأجانب أقل شأنا من الفرنسيين "الأصلاء" ومن يحسبهم "أنقياء" و"أقحاح"، وأنهم لا يستحقون أن يعيشوا في فرنسا وغير ذلك من هلوسات العنصريين وعقدهم النفسية الدنيئة.