في ظلّ غرق اللبنانيين منذ ما يناهز الثلاث سنوات في بحرٍ من المشاكل اليومية، تعمد بعض الجهات الى العمل الحثيث على استثمار الأزمة لتمرير أمور لا يمكن أن تمرّ في ظروف طبيعية… وفي طليعة هذه الملفات التي لا بدّ ان تخضع للمساءلة، ملفّ الاتصالات، الذي بدأ يشبه اكثر فأكثر من حيث الشكل وكمّ فضائحه ملف الكهرباء. في هذا الاطار، يشير العديد من المراقبين المحليين وحتى الدوليين ألى أنّ تنظيم قطاع الاتّصالات يجري بناءً على منافع خاصّة، لا تأخذ بعين الاعتبار لا حاجة المواطن الى خدمة اتصالات موثوقة، ولا تحسين ايرادات الخزينة، ولا وضع الشركات الخاصة الشرعية التي استثمرت ولا تزال في القطاع.
وتطرح هذه الجهات المراقبة مؤخرا جملة من الأسئلة والوقائع المثيرة للشبهات. فخلال فترة إعداد مرسوم رفع تعرفة الاتصالات مثلا، طلب أكثر من طرف معني من الوزير جوني القرم تخصيص قسم مستقلّ لموضوع القطاع غير الشرعي، وفصله عن موضوع رفع التعرفة. وذهب البعض الى حدّ الطلب من الوزير العمل على مرسوم ثان مخصّص حصرا للقطاع غير الشرعي، الذي لا علاقة له اطلاقا بموضوع المرسوم الأوّل اي التعرفة، وكون هذا الموضوع يتطلب القيام بالعديد من الدراسات الدقيقة واتّباع آليات معيّنة بهدف إصدار مرسوم مدروس وملائم. إلّا أنّ الوزير رفض هذا الاقتراح، لا بل انه هدّد بتقديم استقالته إذا لم يتمّ اتّباع المرسوم الذي قدّمه.
وتمّ إصدار المرسوم كما شاء الوزير، غير أنّه لم يُطبّق حتّى اليوم، فما هي الأسباب؟ وكيف تسكت الدولة عن هدر ملايين الدولارات سنويا وحرمان الخزينة منها؟…
من هو المستفيد من هذا الفلتان اللامتناهي في ملف الاتصالات؟ ولماذا لا تتمّ معالجته، كما يُطالب محليا ودوليا؟ اين الهيئة الناظمة؟ اين حرية المنافسة المكفولة دستورا وقانونا؟ اين اموال قطاع الاتصالات غير الشرعي؟