رشا يوسف - الديار
لا يمكن معرفة تداعيات رفع الدولار الجمركي على واقع الاقتصاد المأزوم الا بعد انقضاء موسم الاعياد حيث يتكل التجار عليه لتحسين حجم مبيعاتهم وتعويض خسائرهم خلال السنة لكن من المؤكد انهم سيلاحظون الفرق بعد انتهاء هذه الاعياد وينصرفون الى الغلة المتبقية في متاجرهم.
من المؤكد انهم سيلاحظون الفرق رغم انهم منذ سنوات وهم «ينقون «اولا بسبب تداعيات جائحة كورونا وثانيا بسبب الانهيار المالي وتراجع القوة الشرائية لدى المواطنين بعد ان فقدت الليرة اللبنانية ٩٠ في المئة من قوتها في الاسواق التجارية وغيرها .
من هنا، وجه رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس نداءً إلى الاغتراب اللبناني «الذي يزور بلده الأم في هذه الأعياد، النظر إلى السوق اللبنانية حيث التجار يقدّمون أسعاراً مقبولة جداً ويقومون بجهود جبارة في هذا المجال، كما أنهم استوردوا كل الأصناف والبضائع لتلبية كل الأذواق. وتمنى شماس خلال موسم الأعياد الحالي وموسم الصيف المقبل أن يرصد المغتربون والسياح الأموال اللازمة للتسوّق من المحال التجارية في لبنان بمبالغ إضافية مخصّصة للقطاع التجاري».
وقد اتى هذا النداء بعد ان كان يعتمد السوق التجاري في لبنان على السياح العرب الذين استنكفوا عن المجيء الى لبنان رغم انه اصبح ارخص بلد في العالم .
وقي هذا الاطار رأى القيادي الاقتصادي وعضو جمعية تجار بيروت باسم البواب ان جمود الاسواق ليس وقفا على القطاع التجاري بل شمل كل القطاعات الاقتصادية وخصوصا قطاع السيارات وقطاع الكماليات بعد ان تم رفع الدولار الجمركي من ١٥٠٠ليرة الى ١٥الف ليرة اي بزيادة عشرة اضعاف سعره السابق وبالتالي لم تشهد الاسواق حركة ناشطة في الاعياد رغم قدوم المغتربين والسياح بمختلف جنسياتهم .
ويعود السبب الى الاتي :
١-الكثير من المواطنين اشتروا الاساسيات والكماليات قبل رفع سعر الدولار الجمركي واغتنموا موسم «البلاك فراي داي» و»الاوتليت» بحيث انهم امنوا هذه الاساسيات خلال الشهرين المنصرمين .
٢-استمرار ارتفاع سعر صرف الدولار نظرا لسلة الضرائب والرسوم التي امنتها موازنة ٢٠٢٢وانسداد الافق السياسي من عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية وعدم المباشرة بتطبيق الاصلاحات ولا المفاوضات مع صندوق النقد الدولي ولا اي حوار، كلها عوامل اثرت في ارتفاع الدولار وتراجع القوة الشرائية للمواطنين.
٣-السلعة المعفاة من الجمارك ارتفعت بنسبة ٥ في المئة لان الكلفة التشغيلية ارتفعت بينما السلع الاخرى كان ارتفاع سعرها بين ٤٠في المئة و٦٠في المئة مثل السيارات والاجبان الفاخرة وغيرها وهذا مضر للاقتصاد والتجار الذين تراجعت مبيعاتهم وازدادت معاناتهم اكثر من السابق مع استمرار الكلفة التشغيلية في الارتفاع خصوصا مع المازوت والرواتب للموظفين من اجل ابقائهم على مستوى معين من المعيشة.
ويعترف البواب ان المواطن يعيش اليوم في حلقة مفرغة ،لان الاسعار مستمرة في الارتفاع وكذلك الكلفة التشغيلية والتضخم اللامتناهي والفقر وصلت نسبته الى ٨٠ في المئة من اللبنانيين حيث بات هذا المواطن يعيش على ٨٠ دولارا في الشهر اي ٤ دولارات في اليوم و٦٠٠دولار لعائلة مكونة من ٤اشخاص و٧٥٠دولارا لعائلة مكونة من ٦اشخاص وكذلك التاجر الذي تراجعت حركة مبيعاته بنسبة ٢٠في المئة مما يعني صرف موظفين واقفال فروع لكي يبقى محافظا على ما تبقى من رأسماله .
ويتحدث البواب عن تأثير الدولار الجمركي على التجار وبعد زيادة الضريبة على القيمة المضافة على الـ١٥الف ليرة فيعطي مثلا لتاجر يستورد مستوعبا ثمنه ٥٠الف دولار ولكن بعد تطبيق الدولار الجمركي الى ١٥الف ليرة اصبح هذا المستوعب ٧٥٠مليون ليرة عدا مصاريف المرفأ والارضيات اي سيدفع هذا التاجر ٢٠في المئة زيادة من اجل تخليصه من المرفأ.
واضاف البواب :اما بالنسبة للضريبة على القيمة المضافة فإنك مضطر لقبضها على سعر الدولار الجمركي ١٥٠٠ليرة بينما نحن ندفعها على سعر ١٥الف ليرة اي ان التاجر يمول الدولة بـ١٠٠مليون ليرة منذ بداية شهر تشرين الثاني وحتى نهاية كانون الاول عندما يبدأ التسعير على سعر الصرف الرسمي ١٥الف ليرة وهذا يعني تراجع حركة الاستيراد واختفاء بعض السلع المستوردة ومزيدا من المعاناة للتاجر والقطاعات الاقتصادية.