صهيب العتر - الأخبار
وافق مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، على السماح لـ«مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك» التعاقد مع القطاع الخاص لتشغيل 95 باصاً. بمعنى آخر، قرّر المجلس «خصخصة» تشغيل الباصات، لأن المصلحة غير قادرة على تشغيلها. وهذه الموافقة، أتت بناءً على طلب وزارة الأشغال العامة والنقل بعدما عجزت عن إنجاز مناقصة لتأمين موارد التشغيل.
وبانتظار ذلك، قرّر الوزير علي حمية تسيير الباصات التي بمقدور المصلحة تشغيلها بقدراتها الذاتية، من خلال سائقيها، وهم «28 سائقاً فقط». وبالفعل، بدأت المصلحة مطلع الأسبوع الجاري تسيير أكثر من باص ضمن نطاق بيروت الكبرى وجبل لبنان، بتعرفة 20 ألف ليرة على الراكب الواحد.
وكانت المصلحة قد تمكنّت من تأهيل نحو 45 باصاً، أُضيفت فوق باصات الهبة الفرنسية الـ50. لكن لم يُبصر مشروع تشغيلها النور حتى الآن، رغم مرور سبعة أشهر على جاهزيتها.
هذه المشكلة بدأت بالعرقلة التي تلقتّها وزارة الأشغال لعملية تسجيل الباصات الفرنسية وإدخالها إلى لبنان. فقد بدا أن هناك جهات في وزارة المال، قرّرت أن تُخضِع هذه الباصات للرسم الجمركي ولضربية القيمة المضافة. وبعدما رسا السجال بين الوزارتين، على أنها مُعفاة كونها هبة لمصلحة الدولة اللبنانية، لم تكتمل أوراق التسجيل بسبب عدم وجود اعتمادات لتسديد رسوم التأمين الإلزامي الذي يُعدّ شرطاً أساسياً للتسجيل. وعندما تمّ تأمين مُتبرّع عَيْني بهذه البوالص، عَلِقت عملية التسجيل في «النافعة» بسبب الإضراب والتوقيفات التي طاولت عشرات الموظفين في «النافعة»، على خلفية التحقيقات الجارية في ملفات فساد.
بالتوازي، كانت المصلحة تنوي تشغيل الباصات بطريقة مختلفة. فقد استصدرت موافقة من مجلس الوزراء لإطلاق مناقصة لشراء المحروقات وقطع الصيانة وتأمين يد عاملة غبّ الطلب لتشغيل المشروع. لكن، عُرضت المناقصة مرتين من دون أن يتقدم أي عارض. قيل إن السبب مُتّصل بالتقلّبات الحادّة في سعر صرف الدولار. فباستثناء أجور اليد العاملة، فإن كل الأكلاف الباقية هي بالدولار، بينما الدولة تسدّد بالليرة اللبنانية.
هكذا أصبح تشغيل الباصات أمام خيارات ضيّقة؛ فالمصلحة عاجزة عن تشغيل المشروع بقدراتها الذاتية، إذ ليس لديها العدد الكافي من السائقين، وليس لديها الاعتمادات المالية اللازمة لشراء الوقود والصيانة وسائر ما يتطلبه الأمر. وبما أن المناقصات السابقة فشلت، تقرّر اللجوء إلى «الخصخصة» لتشغيل المشروع بالكامل. وبحسب محضر مجلس الوزراء، فإن وزارة الأشغال قالت إنه «لم يتقدم أحد للمشاركة في المناقصات (...) لشراء مادة الديزل أويل وزيوت مختلفة ومادة (الأد بلو) وترميم هنغار ومنشآت محطة مار مخايل وتقديم يد عاملة مختلفة غب الطلب، لعدم رغبة التجار والمتعهدين بالالتزام بأسعار ثابتة في ضوء التقلّبات في سعر الدولار الأميركي وطلبهم ضمانات لتسديد قيمة التزاماتهم نقداً بسبب التعقيدات التي تفرضها المصارف اللبنانية». كذلك، أشارت الوزارة إلى أن «لا تتوافر في موازنة المصلحة الاعتمادات اللازمة لتغطية نفقات تشغيل الحافلات ووضعها على خطوط السير». وبحسب المعطيات، لم يَجرِ نقاش جدّي حول هذه المسألة، بل قرّر المجلس الموافقة على «إجراء تلزيم وفقاً لأحكام قانون الشراء العام واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة». أي أن الخطوة التالية تكمن في إعداد دفتر شروط يتضمن: شروط الالتزام، التعرفة، العائد للدولة... ثمّ إطلاق مناقصة وفضّ عروضها ليظهر بالفعل إذا كان هذا الخيار ذا جدوى.
وقال المدير العام لـ«مصلحة السكك الحديد والنقل المشترك»، زياد نصر، لـ«الأخبار»، إنه لا يعلم ما هو الوقت الذي يتطلبه الأمر لإنجاز التلزيم «فقد كان يفترض أن يستغرق تسجيل الباصات الفرنسية عدة أيام، لكنه أخذ ستة أشهر»، لافتاً إلى أن «دفتر الشروط سيتضمن الضوابط بالنسبة إلى التعرفة وخطوط النقل».