لوسي بارسخيان - نداء الوطن
تُرك قرار الفصل في تحديد شخصية المفتي المقبل لكلّ من زحلة - البقاع الغربي وراشيا في منطقة البقاع، لصندوقيْ الإقتراع اللذين سيفتحان في مقرّ دار الفتوى في بلدة برّ الياس يوم الأحد المقبل، بعدما تعذّر التوصّل الى تفاهمات تجنّب موقع رأس المرجعية السنّية الدينية في المنطقة، معركة إنتخابية.
55 ناخبا إذاً لاختيار مفتي زحلة والبقاع الغربي، و24 ناخباً لمفتي راشيا، سيحدّدون اسمي المرشّحين الفائزين للموقعين المحدّدين. إلّا أنّ ذلك لا يعني أنهّم سيكونون بتجرّد أصحاب القرار في تسمية المفتي المقبل، بل تتدخّل في قراراتهم إعتبارات سياسية ومناطقية وإجتماعية عدّة، ومن بينها الحسابات التي يجريها رؤساء البلديات لمعركة الإنتخابات البلدية المقبلة، خصوصاً أنّ المفتي بعد انتخابه سيتحوّل شخصية مؤثرة في هذه الإنتخابات، في ظلّ استمرار غياب المرجعية السياسية السنّية المؤثرة في البيئة البقاعية الناخبة وخصوصاً في قرى البقاع الأوسط .
وعليه، إحتدم التنافس خلال الأيام الماضية بين المرشحين للموقعين، وعكست بعض التصريحات والتحليلات عبر مواقع التواصل الإجتماعي حماوة هذا التنافس، بعدما تطوّر في بعض الحالات الى اتهامات واتهامات مضادّة بين أوساط المرشحين، وخصوصاً في راشيا.
وقد انسحب في راشيا الشيخ أيمن شرقية من بين مرشحيها الثلاثة، لمصلحة المرشح جمال حمود كما أعلن. واعتُبر هذا الإنسحاب لمصلحة ردم الفجوة الكبيرة بينهما وبين المرشح وفيق حجازي، الذي أثيرت حملة من قبل المنافسين حول عدد الناخبين من بلدته بكا، والبالغ عددهم تسعة ناخبين من أصل 24 ناخباً تتألف منهم كلّ الهيئة الناخبة. وفُسّر ذلك محاولة للّعب على وتر التنافس المناطقي في المعركة الإنتخابية، حتى لو كان عدد القرى التي يمثلها المفتي في هذا القضاء 5 فقط.
إلّا أنه بحسب المتابعين فإنّ انسحاب الشيخ أيمن شرقية لن يترك أثراً كبيراً على نتائج صندوق إقتراع راشيا، خصوصاً وأنّ المعركة منذ البداية كانت محصورة بين حجازي وحمود، مع أرجحية كان يتحدث عنها البعض لمصلحة الأوّل، خصوصاً أنه مقيم بشكل دائم في منطقة البقاع وعلى احتكاك متواصل مع الهيئة الناخبة، بينما يؤخذ على الأخير إقامته في كندا. وإن كان البعض يرى في ذلك نقطة قوّة تسمح له بتوسيع دائرة التواصل بين الجناحين المقيم والمغترب لأبناء منطقته.
ومشهدية هذا التنافس تتجسّد أيضاً في المعركة على مركز مفتي زحلة والبقاع، بعدما إستقرّ عدد المرشحين على 4 هم الشيخ عبد الرحمن شرقية، الشيخ علي الغزاوي، الشيخ طالب جمعة، والشيخ خالد عبد الفتاح.
ولتوزُّع الهيئة الناخبة في هذه المنطقة دور بارز في تحديد هوية المفتي اللاحق للبقاع، وخصوصاً في المناطق التي تشكّل ثقلاً إنتخابياً، ما يبقي المعركة هنا أيضاً في دائرة التنافس المناطقي بين القرى البقاعية المعنية بالإنتخابات.
وكانت محاولة في هذا الإطار لإبراز الثقل الإنتخابي الذي تشكّله بلدة برّ الياس التي خسرت أحد ناخبي المفتي مع إستقالة بلديتها،علماً أنّ البلدة ستستقطب الهيئة الناخبة للمفتين إلى صندوقي الإقتراع في مبنى دار الفتوى الموجود فيها. وقد لفت أخيراً صدور بيان مشترك عن 5 من أعضاء الهيئة الناخبة في برالياس، شدّد إلى جانب التوافق على تسمية مشتركة للمفتي اللاحق على «إعادة إحياء موقع دار الفتوى الكائن في بلدة برّالياس وذلك عبر فتح أبوابها وأخذها الدور المناط بها». علماً أن أزهر البقاع في مجدل عنجر كان قد سرق الأضواء من هذه الدار، مع أن الأولى هي مؤسسة تربوية خاضعة للثانية. الأمر الذي يؤشّر إلى احتمالات التكتلات المناطقية في تسمية المفتي المقبل، وخصوصاً بعد تعثّر المحاولات التي استمرت حتى أيام قليلة، لجمع الهيئة الناخبة على كلمة واحدة تجنّب الموقع التنافس الحاد بين كل من مرشحيها.
ومع انخفاض إمكانية التوافق، تتراجع وفقاً للمتابعين حظوظ الشيخ عبد الرحمن شرقية بقطف ثمار هذا التوافق، كونه الأكبر سنّاً، إلى حدّ إخراج شرقية من دائرة التنافس الفعلي على الموقع، الذي عاد وانحصر وفقاً للمتابعين بين المرشحين البارزين أي الغزاوي وجمعة.
ويملك تلميذا المفتي السابق للبقاع الشيخ خليل الميس حظوظاً متساوية ببلوغ الموقع، ما يجعل التنافس حامياً جداً بينهما. ولا تستبعد الأوساط المتابعة تعادلهما بالأصوات، ما يجعل المركز يذهب للأكبر سنّاً بينهما، أي الشيخ طالب جمعة.
في المقابل، بدا واضحاً أنّ محاولات شدّ العصب السياسي لم تنجح في خلق حالة تجييرية مؤثّرة لمصلحة أي من المرشحين للمركز، خصوصاً أنّ هذه التدخّلات بقيت مبهمة، وليس هناك توجّه لدى أي طرف لإعلانها صراحة. وهذا ما يزيد الغموض حول نتائج الإنتخابات. فيما يشير تقارب الحظوظ بين طالب وغزاوي إلى قدرة كل منهما على تدوير الزوايا مع كل الأطراف السياسية، وكسب المؤيدين من كل الأطراف، وهذا ما يجعل كلّ طرف سياسي قادراً على جني ثمار النتائج، وإنّما بعد ظهورها يوم الأحد المقبل.