"الثنائي المسيحي" يُجهض دعوة بري الحواريّة على هويّة الرئيس
"الثنائي المسيحي" يُجهض دعوة بري الحواريّة على هويّة الرئيس

أخبار البلد - Thursday, December 15, 2022 8:15:00 AM

إبراهيم ناصر الدين - الديار 

سقوط دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الحوارية كانت متوقعة، لم يكن للحظة يراهن على نجاحها، اراد القيام بخطوة على طريقة "اللهم انني قد بلغت"، يعرف ان معظم الكتل النيابية لا تملك قرارها في هذا الاستحقاق، اراد احداث تغيير في الشكل لا المضمون، لانهاء مهزلة الجلسات الهزلية المتتالية لانتخاب الرئيس. لكن رفض الكتلتين المسيحيتين الاكبر لفكرة الحوار او شكله، او حتى مضمونه اجهض "الفكرة"، وبحسب اوساط نيابية بارزة، يعكس الرفض فقدانها القدرة على السيطرة على هذا الاستحقاق، الذي تعتبر نفسها معنية به اكثر من غيرها. ولذلك ارتضت ان تتحمّل وزر افشال الدعوة الحوارية دون ان "يرف" لها "جفن"، ولم تجد نفسها معنية بتقديم التبريرات المنطقية حول اسباب الرفض، خصوصا انها لا تملك جوابا واضحا عن بديل الحوار للخروج من "عنق الزجاجة". وهكذا "غسل" بري يديه، وعادت الامور الى "نقطة الصفر" بانتظار "لاشيء" محدد مطلع العام الجديد، في غياب اي مؤشرات واضحة عن نضوج التسوية قريبا.

 
واذا كان "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"، قد التقيا على الموقف السلبي من الحوار، الا ان خلفية القرار ليست واحدة. فبعيدا عن المواقف التبريرية المعلنة من قبل رئيس "تكتل لبنان القوي" جبران باسيل، فان الاسباب الحقيقة يمكن اختصارها بمسألة شكلية واخرى جوهرية، في الشكل لا يريد "التيار" منح بري اي فرصة لتحقيق مكسب سياسي، بعدما "تآمر" مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في مسألة عقد الجلسة الاستثنائية للحكومة. يريد باسيل ان يوجه "رسالة" واضحة لاكثر من طرف بانه لا يمكن التعامل معه على "القطعة"، ومن يريد "الكباش" في الحكومة، لا يمكن ان تمد له "اليد" في مجلس النواب. وهو يردد في مجالسه الخاصة "وحدة بوحدة" عليهم ان يعرفوا "انو حيطنا مش واطي"، سجلوا علينا في الملف الحكومة، واليوم نحن نعادلهم في ساحة النجمة. لا تسويات مجتزئة، فأما اتفاق على كل شيء او لا اتفاق على شيء".

هذا في الشكل اما في الجوهر، فالقضية اعمق من ذلك، بالنسبة لرئيس "التيار"، هو يريد قبل كل شيء فتح حوار رسمي وجاد مع حزب الله حول الملف الرئاسي، انطلاقا من قاعدة واضحة تقوم على البحث عن اسم مرشح ثالث غيره وغير رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، وعند الاتفاق على الاسم، يمكن عندها القبول بالحوار مع الاطراف الأخرى لتسويق المرشح الجديد. لكن هذا الطرح دونه عقبات كبيرة، اهمها رفض حزب الله فتح باب النقاش الرئاسي من "زاوية" وضع اسم فرنجية على "طاولة" المقايضة، فالامر غير وارد على الاطلاق في هذه المرحلة، وما يطلبه باسيل لا ينسجم مع الاخلاق السياسية التي يتعامل بها الحزب مع الحلفاء. وما لا يقبل به بحق باسيل لن يقبل به ايضا بالنسبة الى فرنجية. وهذا ما يفسر حتى الآن استئناف التواصل العالي المستوى بين الحليفين لمحاول "رأب الصدع" في تفاهم مارمخايل...

اما رفض "القوات اللبنانية" للحوار، فلا يتعلق بعدم جدواه مع حزب الله وحلفائه كما يردد الدكتور سمير جعجع، ففي نهاية المطاف، تقول مصادر مطلعة، اذا كانت "القوات" لا تريد الصدام فلا مهرب من الحوار، الذي يحصل عادة مع الخصوم وليس الحلفاء، ولهذا فان التبرير لا يبدو منطقيا. اما الحقيقة فتكمن في ان توقيت الحوار غير مناسب مع استمرار ضبابية المواقف الدولية والاقليمية، وعدم نضج "الطبخة" الخارجية يجعل الجلوس على طاولة واحدة مضيعة للوقت والجهد، "فالقوات" لا تملك ما تقايض عليه راهنا، خصوصا ان ترشيح النائب ميشال معوض صوري وغير قابل للصرف في اي عملية تفاوضية. وببساطة شديدة، السعودية لم تمنح "الضوء الاخضر" بعد للبدء جديا في ايجاد المخارج المتاحة للازمة اللبنانية، هي تنتظر الاميركيين والفرنسين ومعهم الايرانيون، ولا ترتاح كثيرا للدورالقطري، لكنها حتى الآن لا تملك اي تصور حول المخرج للمأزق اللبناني. وهذا ما يفسر "فرملة معراب" لأي تحرك قد يمنح خصومها "هدايا" سياسية مجانية، والخلاصة ان "القوات" لن تجلس حول "الطاولة" الا بعد تأمين المظلة الخارجية لاي اتفاق محتمل داخليا.

وفي هذا السياق، لم يحمل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي معه من الرياض اي "رسائل" محددة، يمكن اعتبارها "خارطة طريق" ويمكن التعويل عليها للخروج من الازمة. وما نقل عنه بعد زيارته عين التينة، ولقائه مع رئيسي الحكومة الاسبقين فؤاد السنيورة وتمام سلام، انه سمع كلاما "مشجعا" عن نية المملكة التعامل بايجابية مع الملف اللبناني، لكن بعد تنفيذ لبنان التزاماته، التي باتت معروفة "للقاصي والداني". وهنا يمكن الحديث عن تغيير اولي في الشكل لا في المضمون، وهي خطوة متقدمة لكن غير كافية حتى الآن للحديث عن انخراط سعودي كامل على الساحة اللبنانية. واذا كانت الرؤية غير واضحة بعد لجهة حسم الاستحقاقات الدستورية وفي مقدمتها الانتخابات الرئاسية، الا ان اللافت اهتمام الرياض بالوضع السني لجهة الاحاطة التي سمعها ميقاتي من المسؤولين السعوديين حول ضرورة استعادة زمام المبادرة، وعدم التهاون مع اي محاولة لتجاوز صلاحيات رئاسة الحكومة عبر تطبيق اعراف تتجاوز دستور الطائف التي ترفض المملكة اي مساس به. وعلم في هذا الاطار ان ميقاتي سمع كلاما واضحا عن رفض السعودية للدعوات الصادرة عن البطريرك بشارة الراعي لعقد مؤتمر دولي حول الملف اللبناني، لانها تخشى من نتائج التدويل الذي قد يفضي الى اجراء تعديلات جوهرية على وثيقة الوفاق الوطني. وهو ما حرص رئيس حكومة تصريف الاعمال على ابلاغه للبطريرك الراعي على هامش اللقاء الاخير في بكركي.

وفي الانتظار، يتلهى الجميع بمناكفات لا طائل منها. و"بخبريات" لا تستند الى وقائع حسية ، تصعد "بورصة" قائد الجيش العماد جوزاف عون وتهبط وفقا لضرورات "النكد" السياسي، تحرق الاسماء الواحدة تلوى الأخرى، لكن لا احد يملك بعد كلمة "السر" الضائعة بين عواصم القرار.   

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني