"الكابيتال كونترول" إلى الطريق السالكة.. فهل يُبصر النور مطلع العام الجديد؟
"الكابيتال كونترول" إلى الطريق السالكة.. فهل يُبصر النور مطلع العام الجديد؟

أخبار البلد - Tuesday, December 13, 2022 6:00:00 AM

محمد بلوط - الديار

تتواصل الجلسات الطويلة للجان النيابية المشتركة لدرس واقرار قانون «الكابيتال كونترول»، الذي يعتبر ابرز القوانين التي يطلبها صندوق النقد الدولي من لبنان، الى جانب حزمة من القوانين الاصلاحية الاخرى، كشرط لمساعدته واقراضه ما يقارب ثلاثة مليارات دولار.

 
وقد مرّ هذا المشروع بمراحل عديدة، مع العلم انه لم يوضع على طاولة النقاش الجدي حين كان مسلحاً وضرورياً قبل اكثر من 3 سنوات، ما ساهم في تحويل المزيد من الاموال الى الخارج بطرق مختلفة.

ومنذ اسابيع حرص الرئيس بري على عقد جلسات اسبوعية متتالية مرة او مرتين في الاسبوع، للتسريع في درس هذا القانون، تمهيدا لاحالته الى الهيئة العامة للمجلس في جلسة تشريعية لاحقة من اجل مناقشته واقراره. وتبين خلال هذه الجلسات، ان هناك ثغرًا وملابسات في نص مشروع القانون قيد البحث، تحتاج الى نقاش وتعديلات في الشكل والمضمون، وهذا ما ساهم في اطالة فترة درسه. لكن المعضلة الاساسية التي واجهته في البداية هي المعارضة الشديدة من قبل كتل ونواب وهيئات اقتصادية وجمعيات المودعين على تنوعها واختلاف ميولها.

وفي هذا المجال، يشار الى ان هناك من وقف في البداية رافضا مناقشة واقرار القانون تحت مبررات عديدة، ومن بين هذا الفريق من ينسجم مع موقف المصارف او مجموعة منها اعلنت معارضتها منذ البداية، وسعت الى تقويض مناقشته في المجلس. وهناك فريق آخر شدد في المرحلة الاولى على ربط مناقشة القانون المذكور بمناقشة خطة التعافي الاقتصادي، وبالتالي ارجاء درسه الى حين المباشرة عمليا وجدّيا في مناقشة الخطة.

وبرز فريق نيابي واسع يؤيد مناقشة «الكابيتال كونترول» مع اجراء تعديلات مهمة عليه تصب في اطار حماية الودائع والمودعين وتنظيم وتحسين السحوبات، خصوصا ان بعض المواد قد تمس هذا الموضوع، رغم ان القانون يتعلق اساسا بحركة الاموال، ويهدف الى وقف التحويلات لسنة او سنتين وفق شروط معينة واستثناءات محدودة.

وبعد جلسات وجلسات ، اخذت تتبدل الاجواء تدريجيا، لا سيما لمصلحة المضي في مناقشة قانون «الكابيتال كونترول» واجراء التعديلات الضرورية واللازمة عليه، لكي لا يمس الودائع وحقوق المودعين من جهة، ويؤمن تحريك العجلة المالية والاقتصادية، ويعيد تنشيط عمل المصارف من جهة اخرى.

وحسب مصدر نيابي بارز، فان النقاشات والجلسات المتتالية شهدت تطورا ملحوظا، ادى مؤخرا الى انخراط الجميع من كل الكتل والتوجهات في نقاش جدي وتفصيلي دقيق، للسير قدما في درس مشروع القانون وانجازه في اللجان المشتركة، تمهيدا لمناقشته واقراره في الهيئة العامة للمجلس.

ويلفت المصدر الى عدد من النقاط في سياق هذا التطور الايجابي لمصلحة التوجه نحو اقرار «الكابيتال كونترول» بكامل التعديلات التي اضيفت، والتي ستضاف في الجلسات اللاحقة، ومن بين هذه النقاط والمؤشرات:

1- تراجع النواب الذين طالبوا في جلسات سابقة عن موقفهم الداعي الى وقف مناقشة القانون المذكور الى حين اقرار كامل خطة التعافي. وهنا يجب التفريق بين رأيين داخل هذه المجموعة: بعض النواب انطلقوا من موقع تبنّي وجهة نظر المصارف لحسابات وارتباطات مع هذه المصارف. والبعض الآخر انطلق من البداية من المنطق الذي يقول ان لا فعالية ولا امكان لتطبيق القانون من دون ربطه بالخطة الشاملة المالية والاقتصادية، وانه لا وجوب لاستعجال درسه واقراره. لكن هذا الموقف سرعان ما اخذ يتراجع لمصلحة المضي في مناقشة هذا القانون.

2- المشاركة الناشطة من قبل كل الكتل النيابية مؤخرا في تفاصيل مواد المشروع ، بما فيها تلك التي كانت معارضة او متحفظة.

 
3- تراجع وتيرة المعارضة خارج البرلمان، حيث تبين ان هناك اراء مختلفة بين جمعيات المودعين حول طريقة التعاطي مع هذا الموضوع. فبقي جزء منه يعارض كليا القانون، بينما تحول الجزء الآخر الى موقف اكثر اعتدالاً، مركزا على اجراء تعديلات عديدة عليه تحفظ الودائع وحقوق المودعين، ولا تميز بين اموال قديمة وجديدة.

4- قطع شوط مهم من مناقشة المواد الاساسية في القانون واجراء تعديلات مهمة عليها في الشكل والمضمون، تركز بعضها على حماية حقوق المودعين، رغم ان مشروع القانون هذا لا يتعلق مباشرة بهذا الموضوع، كما تناولت تنظيم وتوضيح مسألة التحويلات الجديدة من الخارج وضرورة عدم التحفظ عنها او تقييدها في المصارف.

اذاً، برأي المصدر النيابي البارز، ان قانون «الكابيتال كونترول» سلك طريقه مؤخراً بشكل انسيابي وموضوعي في جلسات اللجان النيابية المشتركة وصار على السكة، لكن اقراره مرتبط بعقد جلسة تشريعية عامة ، وربما ايضا باقرار قوانين اصلاحية مالية اخرى، ابرزها قانوني التوازن المالي واعادة هيكلة المصارف.

وبعد حسم معظم التعريفات والتوصيفات للعبارات التي تضمنها مشروع القانون لوضع الامور في اطارها الصحيح، اقرت اللجان النيابية المشتركة في جلستها امس، الصيغة المتعلقة بالاموال الجديدة، واستبدلتها بعبارة اخرى هي «الايداعات والتحويلات بعد 17 تشرين الثاني 2019». وبذلك خرجت اللجان من محاذير التفريق بين الاموال الجديدة والاموال الموجودة في المصارف العائدة للمودعين قبل 17 تشرين، وذلك في اطار الحفاظ على هذه الاموال وعدم المس بحقوق المودعين.

وجرى نقاش مستفيض حول الاستثناءات في التحويلات يفترض ان يستكمل في جلسة اليوم، حيث يجري التركيز على الموازنة بين اقرار عدد من الاستثناءات من جهة، وعدم توسيع هذه الاستثناءات لاعتبارات تتعلق بالحفاظ على موجودات المصارف واموال المودعين وخلق توازن في هذا الشأن.

وبرأي اكثر من مصدر ان قانون «الكابيتال كونترول» انتقل من مرحلة الجدل حول مناقشته او تأجيله الى مرحلة استكمال نقاشه ليكون جاهزاً امام الهيئة العامة في مطلع العام الجديد، والمقصود هنا، ان تنتهي اللجان المشتركة من درسه في خلال اسابيع قليلة بعد بدء العام الجديد.

اما مناقشته واقراره في الهيئة العامة فهي مرتبطة بامرين: اما اقراره بحد ذاته وعدم ربطه باقرار قانوني التوازن المالي واعادة هيكلة المصارف، او وضعه جانبا كما عبر نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب ريثما يتم اقرار القانونين المذكورين.

والاهم ايضا، ان المجلس سيكون مع مطلع العام الجديد على موعد مع استكمال عمله وتنشيط دوره، بما في ذلك فتح المجال امام عقد جلسات تشريعية، خصوصا ان هناك قوانين ستفرض هذا المسار.

بوصعب: النقاش محصور بالاستثناءات

وقال بوصعب بعد الجلسة: «اقررنا المادة الرابعة من قانون الكابيتال كونترول، والنقاش اصبح اليوم محصوراً بالاستثناءات». ولفت الى ان هذا القانون «لا يناقش شطب الودائع بل يهدف الى اعادة الثقة بالقطاع المصرفي، معتبرا ان الاموال الموجودة في المصارف لا تعتبر اموالا قديمة ولن نقبل حذفها، لكن هدفنا تحريك العجلة الاقتصادية لتعود المصارف الى عملها.

 

واوضح انه «لا يمكننا محاصرة المصارف بقانون الكابيتال كونترول كيلا تذهب الى اعلان افلاسها، فالهدف هو حفظ واعادة اموال المودعين»، مضيفا «اتفقنا على ان يوضع قانون الكابيتال كونترول جانبا بعد اقراره الى حين استكمال اقرار القوانين المتبقية المتعلقة بخطة التعافي». 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني