بقلم ايلي الحلو
عادت الجبهة السياسية لتبرد تدريجيًا بعد حماوةٍ لافتة خُلطت فيها التموضعات وبدّل فيها الافرقاء متاريسهم بعدما اصطف المسلمون بقيادة حزب الله بوجه المسيحيين مجتمعين من رجال دين وعلمانيين وحزبيين. وبالطبع لم يكن من الصعب العثور على يوضاسيّين مستعدين لبيع الوطن مقابل صفقة صناعية او رئاسية على الرغم من ان التجربة على مدى الفي عام اثبتت انه رغم كل المكاسب الآنية فإن نهاية كل يوضاسيّ هي شجرة التين الملعونة.
اذا، بدأت تدريجيًا عودة الهدوء الى الساحة وانطلقت محركات الوساطات وتبويس اللحى والبحث عن سلّم النزول عن شجرات التصعيد، وسينسى اللبنانيون قريبا كل ما جرى وسيتجاهل اصحاب الذاكرة غير السمكيّة خطورة ما جرى.
لكن اصحاب "النقزة" لن ينسوا ولن يغفروا قبل ان يلمسوا من حزب الله عودة جذرية الى ما قبل الجلسة الحكومية الالغائية والباطلة. هؤلاء (اصحاب النقزة) الذين آمنوا بحزب الله الشريك الصادق والحليف الأمين والحزب الاخلاقي اللاطائفي رغم دينيّته شعروا ان كل ما بشّروا به منذ العام ٢٠٠٦ كان مجرّد وهم.
ففي عزّ الخسارة المسيحية المتجسّدة في اتفاق الطائف، جُرّد المسيحيّون من صلاحيات رئاسة الجمهورية التي نُقلت نصًا الى مجلس الوزراء مجتمعًا وواقعًا الى ممثل السنيّة السياسيّة في النظام اللبناني اي رئيس الحكومة. لكن حتى الهزيمة العسكرية والتقلبات الدولية المعاكسة وكثرة اليوضاسيّين في حينه لم تجّرد المسيحيين مُمَثلين برئاسة الجمهورية من الدور والفعاليّة اقله في نص وثيقة الوفاق الوطني، بل تم التأكيد على اهمية دور رئيس الجمهورية كرمزٍ لوحدة الوطن بالاضافة الى التشديد على اهمية العيش المشترك ومنع عزل المكونات من خلال الفقرة (ي) من مقدمة الدستور التي تجزم بعدم شرعية أي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك التي لسخرية القدر فإن العونيون المتهمين بالطائفية كانوا اول من نزل الى الشارع بوجه حكومة السنيورة البتراء مطالبين باحترام هذا المبدأ وعدم عزل الطائفة الشيعية في مجلس الوزراء، تماما كما وقفوا في وجه عزل ممثل الطائفة السنّية سعد الحريري عندما حاول الخارج اقصاءه غصبًا عن ارادته.
اما اليوم ومن اجل مكسب سياسي آني هو دفع التيار الوطني الحر لدعم ترشيح يوضاسيّ لرئاسةٍ لن يراها خاصةً بعد الجلسة الحكومية وخروجه عن الاجماع المسيحي الساحق والنادر، تجرّأ حزب الله وفعل ما لم تفعله الحرب التي اوقعت ١٥٠ الف شهيد وقرر هندسة نظام دستوري وسياسي جديد بالكامل يتجاهل وجود رئيس دولة كما يتجاهل وجود مكوّن مؤسس للكيان اللبناني فيفرض بذلك امر واقع جديد على ابواب تطوراتٍ قد تؤدي في القريب العاجل الى مؤتمر تأسيسي جديد.
من هنا، يطرح اصحاب "النقزة" تساؤلات يرتفع فيها منسوب الريبة مع كل تصريحٍ او بيانٍ جديد صادر عن الحزب يبرر فيه فعلته بتلبية حاجات الناس متغاضيًا عن واقع ان "اصحاب النقزة" هم من المتابعين للشأن العام ويعلمون ان مبرراته ساقطة وغير صادقة لانهم يدركون ان اداة حزب الله الحالية اي رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي سبق له ان صرف من اموال حقوق السحب الخاصة من دون الرجوع الى مجلس الوزراء ومن دون اعتراض وكان يمكنه اعادة الكرّة او حتى اصدار مرسومٍ جوّال.
ومن الاشكاليات التي اصبحت عالقة في ذهن اصحاب "النقزة" وتحتاج الى اجوبة شافية هي:
١- هل تحرز المقايضة بين الرئاسة والشراكة؟
٢- هل على المسيحيين تحريك خطوط التماس السابقة ليشعر بتهديد للسلم الاهلي كي يحترمهم كما يحترم باقي الاطراف التي تهدد بالفتنة كلما رأت مصلحةً في ذلك؟
٣- هل فعلا لم يقدّر حزب الله ابعاد فعلته هذه او انه فعلا يريد القضاء على دور المسيحيين بعدما قضى الطائف على صلاحياتهم؟
٤- هل يسعى حزب الله لفرض شيعية سياسية بدأت من خلال التلطي وراء سيطرة حركة امل على مفاصل الادارة العامة وتسلّط امبراطور وزارة المال بتوقيعه على كافة السلطات وتنتهي بتحييد كامل للمسيحيين عن القرار بعدما ادت الظروف سابقًا الى ابعاد الطائفة السنية عنه؟
ان خطيئة حزب الله المميتة بتجرُئِه على فعل ما لم يفعله اتفاق الطائف بحق المسيحيين تفرض عليه الاجابة بصدق (لا كما أجاب في بيان رده على النائب جبران باسيل) لان من حق من آمنوا بهذا الحزب (لا المتصيدين بالماء العكر الذين يصوبون على حزب الله لاضعاف المقاومة) وواجهوا عن قناعة رغم الشحن الحاد والانقسام العامودي كل محاولات النيل الطائفي منه ان ينالوا جوابًا وافيًا.
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا