كتبت لورا يمين في المركزية
لا اولوية لدى المجتمع الدولي لبنانيا، تعلو اولوية الاستقرار. العواصم الكبرى تدرك ان مفتاح هذا الاستقرار يتمثل في "الاصلاحات". صحيح ان الشلل السياسي يؤثر عليه ايضا، غير ان هذه القوى مستعدة لمساعدة لبنان اذا أحسن في التوصل الى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ"المركزية"، ولو ان الشغور الرئاسي استمر.
هذه الحقيقة تؤكدها مواقف المسؤولين العرب والغربيين. منذ ايام، زارت السفيرة الاميركية دوروثي شيا الرابطة المارونية، حيث شددت على وجوب انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وعدم جواز الشغور في موقع الرئاسة الاولى، وذلك من أجل انتظام عمل المؤسسات الدستورية. وإن الاطالة والمراهنة على عامل الوقت ليس في مصلحة لبنان. أضافت شيا انه يتعين البت بالاصلاحات المطلوبة، لتسريع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، الذي من شأنه أن يتيح للدول والمنظمات المانحة البدء بمساعدة لبنان على النهوض، مؤكدة أن الوضع في لبنان غير ميؤوس منه... من جانبه، جال وفد من الكونغرس الأميركي برئاسة النائب مارك تاكاتو وعضوية النائبين كولن الريد وكاتي بورتر في بيروت مطلع الاسبوع حيث التقى المسؤولين اللبنانيين، مؤكدا ايضا على اهمية إنتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة جديدة وتطبيق شروط صندوق النقد الدولي والمضي بالإصلاحات. وبعد زيارته السراي، هنأ الوفد الحكومة على "جهودها في انجاز مشاريع القوانين التي طلبها صندوق النقد الدولي والتي أحيلت الى مجلس النواب متمنيا الاسراع في إقرارها"... اما المنسقة الخاصة للأمم المتحدة يوانا فرونتسكا فقدمت احاطة لمجلس الأمن عن تنفيذ القرار 1701 والوضع في لبنان حيث التقت الدول الاعضاء على دعم لبنان مع تأكيد الضرورة الملحة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية من دون تأخير ولتنفيذ الإصلاحات... ولفتت إلى أنه يتعين القيام بالمزيد في الداخل اللبناني لمعالجة العديد من الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية المتراكمة.. وشددت المنسقة الخاصة على الحاجة إلى أن تعمل مؤسسات الدولة بكامل فعاليتها وأن تكون قادرة على تنفيذ الإصلاحات العاجلة، بما في ذلك تلك المطلوبة لإتمام الإتفاق مع صندوق النقد الدولي.
استعجالُ الانتخابات الرئاسية حاضر دائما في مواقف الخارج تتابع المصادر، الا ان عواصمه يُسهبون اكثر لدى الحث على الاصلاح والاتفاق مع الصندوق، لادراكها ان عملية ملء الفراغ في بعبدا معقدة وقيصرية وتكاد تكعى عليها هي... التوقيع على هذا الاتفاق كاف اذا لفتح الباب ولو جزئيا امام المساعدات الدولية للبنان المنكوب. لكن مع الاسف، حتى هذا التفاهم يبدو متعثرا. فقانون الكابيتال كونترول لا يزال مدار اخذ ورد في مجلس النواب، علما انه شرط اساسي من شروط ابرام الاتفاق مع الصندوق، شأنه شأن قانون اعادة هيكلة المصارف الذي لا يزال بعيد المنال. الثلثاء الفائت، وخلال جلسة اللجان التي تدرس الكابيتال كونترول سُجل هرج ومرج وسجالات، في وقت تكبر الخشية من ان تكون الحكومة ذاهبة نحو التضحية بأموال المودعين. وفي حال اجتاز القانون محطة اللجان، لا شيء يضمن بأن رئيس مجلس النواب سيتمكن من عقد جلسة تشريعية لاقراره في الهيئة العامة، في ظل الشغور الرئاسي، ورفض النواب المعارضين اي تشريع لان المجلس "هيئة ناخبة" فقط.
انطلاقا من هنا، يبدو ان البلاد متجهة نحو مزيد من التخبط والانهيار الاقتصادي والمعيشي، بما ان الطبقة الحاكمة فاشلة في السياسة وفي الاصلاح معا!