عماد مرمل - الجمهورية
لم تطل كثيراً إقامة رئيس «تيار الكرامة» فيصل كرامي خارج الندوة النيابية، فانضم اليها مجدداً، بعد قبول المجلس الدستوري طعنه في نتيجة الانتخابات على احد المقاعد الطرابلسية. ولكن، كيف سيتموضع كرامي سياسياً في المرحلة المقبلة، وأين سيصبّ صوته في الانتخابات الرئاسية؟
عندما كان المجلس الدستوري يدرس الطعون المرفوعة اليه، بدا كرامي واثقاً آنذاك في أنّ المجلس سيقبل طعنه وسيعلن عن فوزه بالمقعد النيابي، من دون الحاجة إلى إعادة الانتخابات، معتبراً انّ المسألة هي مسألة وقت وصبر ليس إلّا.
وبالفعل، استعاد كرامي مقعده في مجلس النواب، وعاد إلى قواعده الشعبية والسياسية سالماً غانماً، ليجد في انتظاره ملفات شائكة، ينبغي له أن يحدّد موقفه حيالها.
من حيث المبدأ، كسب المحور المحسوب على ما يُعرف بـ 8 آذار صوتاً إضافياً داخل مجلس موزع إلى أقليات متناثرة ومتنازعة. علماً انّ كرامي يشدّد على انّ 8 و14 آذار صارا من الماضي، «والواقع السياسي والنيابي الحالي لا يمكن فرزه وتصنيفه وفق هذا المعيار المنتهي الصلاحية». كذلك يوحي كرامي بأنّه حريص على ان تكون له خصوصيته التي تتيح له هوامش واسعة في التحرّك، من دون التنكّر لتحالفاته ولثوابته الوطنية والقومية.
ويؤكّد نائب طرابلس لـ»الجمهورية»، انّه ليس وسطياً ولا رمادياً، «وخياراتي الاستراتيجية معروفة ومحسومة، لكنني في الوقت نفسه لا أحبذ ان اكون جزءاً من الاصطفافات الحادة التي لا توصل إلى أي مكان».
ويضيف كرامي: «لديّ القدرة على التحرك في اتجاهات مختلفة، وعلاقاتي جيدة مع جميع الأطراف باستثناء «القوات اللبنانية». ولعلي استطيع انطلاقاً من هذا الموقع ان اساهم في البحث عن قواسم مشتركة».
ويشدّد كرامي على أنّ «لا خيار أمامنا عاجلاً ام آجلاً سوى الحوار الذي دعا اليه الرئيس نبيه بري، خصوصاً انّ أي طرف لا يستطيع أن يأتي لوحده بالرئيس المقبل، وبالتالي فإنّ التوافق هو ممر إلزامي لملء الشغور في قصر بعبدا»، معتبراً انّ من الأفضل أن «نبادر نحن طوعاً إلى إجراء هذا الحوار «عالبارد» بدل ان يُفرض علينا من الخارج ونضطر إلى خوضه «عالحامي» بعد حين».
وهل جارك الشمالي سليمان فرنجية هو مرشحك الرئاسي؟
يجيب كرامي: «سليمان بك هو اخي وتربطني به علاقة مميزة تستند إلى الود والاحترام. ولكن المسألة ليست مسألة عواطف شخصية بل حسابات دقيقة، وانا أرفض ان أزجّ باسمه في معمعة الاستهلاك والتجارب العبثية، انطلاقاً من الحرص عليه والتقدير لشخصه، ولذلك إذا لم يكن انتخابه مضموناً فلا مصلحة في أن اسمّيه لتسجيل موقف فقط في صندوق الاقتراع، بينما ما يهمّنا هو ان نستطيع إيصال من نرشحه إلى قصر بعبدا».
ويوضح كرامي، انّه غير متحمس لاستخدام الورقة البيضاء في جلسة الخميس «مع العلم انّ أصحاب الورقة البيضاء يريدون ان يقولوا عبرها انّهم يفضّلون تأجيل انتخاب الرئيس، بغية الوصول إلى حوار ينتج تفاهماً بين اللبنانيين»، لافتاً إلى انّه سيتشاور مع حلفائه من النواب في البدائل المناسبة عن الورقة البيضاء، ولو ادّى ذلك إلى الذهاب نحو ورقة ملغاة».
ويخشى كرامي من ان تصبح جلسات اللا انتخاب المتكرّرة تعبيراً عن عجز اللبنانيين في اختيار رئيس جديد، «ما يفتح الابواب أمام خيارات ومسالك وعرة ليس من المصلحة ان نخوض فيها»، مرجحاً ان يعتمد الرئيس بري دينامية مختلفة في التعامل مع الاستحقاق الرئاسي.
ويشير كرامي إلى انّ ما يزيد المأزق تعقيداً هو التشظي داخل كل معسكر سياسي، مبدياً خشيته من ان لا يكون هناك رئيس للجمهورية قريباً، «مع انّ وضع البلد لا يتحمّل ترف الشغور».
وينبّه إلى انّ المؤشرات تنذر باحتمال التدحرج نحو الأسوأ «خصوصاً عند بدء سريان القرار برفع الدولار الجمركي إلى 15 ألف ليرة، والذي قد يواكبه مزيد من الصعود في سعر الدولار، فيما البنك الدولي صنفنا بين أسوأ الدول على الصعيدين الاقتصادي والمالي».
ويتابع: «تخيّل انّه وسط هذا الواقع القاتم، ليس لدينا لا رئيس ولا حكومة أصيلة، «وما بعرف وين ممكن نصير».
ويرجح كرامي ان يكون انتخاب الرئيس المقبل بحاجة إلى تقاطع داخلي - خارجي لم يحصل بعد، «والخوف هو ان يتأخّر، بينما لبنان لا يتحمّل الانتظار، ما يفرض علينا كلبنانيين، ان نبادر ونؤدي واجبنا الوطني، لإيجاد المخارج، عبر التوافق الداخلي وعبر الواقعية السياسية الآخذة في الاعتبار طبيعة الصراعات الاقليمية والدولية المؤثرة حتماً على لبنان، وبمعنى آخر «انا ادعو الى التفكير جدّياً في الحل الداخلي الذي يحظى بقبول الخارج، بدل ان ننتظر الحل الخارجي الذي ينصاع له الداخل».