"الأنباء" الإلكترونية
تغرق طرقات لبنان مع كل شتوة، ويُحاصر المواطنون لساعات داخل سياراتهم التي تدخلها المياه، إلى أن تتدخّل العناية الإلهية، فيتحسن الطقس نسبياً، وتُفتح الطرقات بعد تسرّب المياه. لا حلول لدى الوزارات والبلديات سوى الانتظار حتى تبدّل الظروف الجوّية، لأن لا إمكانات ولا تجهيزات كافية للتدخّل في هذه الحالات، والمتضرر الوحيد، المواطن الذي يسلك هذه الطرقات، وأصحاب المنازل والمحلات المحيطة.
غرقت جونية بسيول كانت أشبه بالطوفان، ولم يقتصر ما حصل على الأوتوستراد الساحلي فحسب، بل إن المياه دخلت الأحياء والشوارع الداخلية، وارتفع منسوب المياه إلى حدود المتر، ممّا أدّى إلى أضرار مادّية، فيما لم تُسجّل أي إصابات في صفوف المواطنين، علماً أن في مرّات سابقة كانت هذه الطوفانات والسيول تتسبّب بحالات وفاة.
الشتاء لم يبدأ بعد، وينتظر اللبنانيون فصلا خيّرا مليئا بالأمطار الغزيرة وفق التقديرات التي انتشرت في الأيام الأخيرة، والتي تُشير إلى أن معدلات تساقط الأمطار قد تكون أعلى من معدلاتها الموسمية. إلّا أن هذه الخيرات قد تكون بمثابة "نقمة" على اللبنانيين، وهنا، من الضروري الإشارة إلى أن عواصف الأمس كانت بمثابة "الشتوة الثالثة"، وليس الأولى حيث من الطبيعي أن تحدث السيول، ما يُنذر أن المشكلة جذرية وقد تستمر طيلة فصل الشتاء.
إلى ذلك، وفي حين انتظر المواطنون ساعات في سياراتهم إلى أن تحسّنت الظروف الجوية وانخفض مستوى المياه على الطرقات، جرى تقاذف المسؤوليات والتهم بين المعنيين عبر الإعلام.
في هذا السياق، حذّر رئيس بلدية جونية جوان حبيش من أن "مشهد أمس سيتكرر طيلة فصل الشتاء كلما كانت الأمطار غزيرة بهذا الشكل"، موضحاً أن "سبب السيول الأساسي ضيق المجاري التي لا تستوعب كميات كبيرة من المياه، وغزارة الأمطار القياسية التي تساقطت أمس".
وفي حديث لجريدة "الأنباء" الإلكترونية، لفت حبيش إلى أن "الأوتوستراد والواجهة البحرية لجونية من مسؤولية وزارة الأشغال والنقل، أما الأنهار التي تفيض، فهي من مسؤولية وزارة الطاقة، فيما مسؤولية البلدية تنحصر بتنظيف الأقنية ومعالجة أزمات الطرقات الداخلية، وهذا ما يحصل منذ شهر أيلول، لكنه ليسا كافياً وحده".
ودعا الوزارتين المعنيتين لرفع التعديات وإجراء الإصلاحات اللازمة للبنى التحتية لتفادي السيناريو نفسه، وقال: "لو صرفوا نصف الأموال المرصودة لمعالجة هذه الأزمات لكنا بألف خير".
إلّا أن وزير الأشغال والنقل علي حمية كان حاسماً في هذا الملف، وأشار إلى أن "طرقات لبنان بأكلمها لم تغرق، باستثناء أوتوستراد جونية، ما يعني أن المشكلة موضعية، والطرقات الباقية، كالناعمة، الأوزاعي، أنطلياس، وغيرها جاهزة لاستقبال فصل الشتاء وغزارة الأمطار".
وفي حديث لجريدة "الأنباء" الالكترونية، لفت حمية إلى أن "المياه التي غمرت الطرقات أمس كانت موحلة، ما يعني أنها قادمة من الجبل، ومن ضفاف الأنهار بشكل خاص، وهنا، ثمّة مسؤولية على وزارة الطاقة والبلديات لرفع التعديات الحاصلة، بالإضافة إلى تنظيف أقنية الطرقات الداخلية، لأن الطرقات الدولية وحدها من مسؤولية وزارة الأشغال والنقل".
وإذ أكّد حمية أن الجميع مسؤول في هذا الملف، شدّد على أن وزارة الأشغال تقوم بواجباتها، وعدم غرق الطرقات الأخرى خير مثال، والمطلوب من كل مسؤول القيام بواجباته.
لا يهتم اللبنانيون إلى تقاذف التهم والمسؤوليات، وجل همهم ينصب على المعالجة ووضع الخطط لمواجهة شتاء سيكون صعباً على كافة الصعد، منها التدفئة، ومن الضروري أن تنصرف الوزارات المعينة ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى وضع الملفات المرتبطة بفصل الشتاء على رأس أولويات عملهم، لأن لدى اللبنانيين ما يكفيهم من أزمات ومآسي.