الديار
اذا كان المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، قد طمأن الى وجود تطمينات خارجية «تصل إلى حدّ القرار» بأنّ أخذ لبنان إلى توترات وفوضى أمنية «ممنوع»، فان ما لم يقله ان هذه الدول لا تمنح الساحة اللبنانية اي اهتمام في الوقت الراهن، وهي منشغلة بقضايا اكثر اهمية، حيث لا يشكل لبنان اي اولوية لدى أحد، طالما ان الامن ممسوك والفوضى التي تهدد «اسرائيل» مستبعدة.
هذا يؤشر الى فترة فراغ طويلة بانتظار «لا شيء» محددا، وانما «القضاء والقدر»، ولعل جولة وفد الكونغرس الاميركي الاستطلاعية في بيروت، هي آخر الدلائل الحسية على غياب اي رؤية خارجية واضحة لكيفية الخروج من الازمة، عبر اجراء الاستحقاق الرئاسي العالق في «عنق زجاجة» الخلافات داخل البيت السياسي الواحد.
وفي هذا السياق، لا يعول كثيرا على اللقاء المرتقب بين الرئيس الاميركي جو بايدن مع نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون في واشنطن، فيما تبدو بعض المفارقات غير حاسمة، لكنها مثيرة للانتباه في الحراك الداخلي البعيد عن الاضواء، ومنها ان «الثنائي الشيعي» يخوض غمار التسويق لمرشحه غير المعلن رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية عبر تقسيم الادوار، حيث يقوم حزب الله بمهمة الحوار الصعب مع رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، فيما يجري رئيس مجلس النواب نبيه بري محادثات متقدمة مع كل من الحزب «التقدمي الاشتراكي» و»القوات اللبنانية» لمحاولة ايجاد قواسم مشتركة حول فرنجية، الذي يبدو انه اقرب الى «معراب»، حيث تجري الاتصالات على «قدم وساق»، منه الى «ميرنا الشالوحي» حيث كل «الطرق» لا تزال مقطوعة».
في المقابل، تبقى الاجواء على ايجابياتها بين بكركي وحزب الله ، حيث يستمر تبادل «الرسائل» والافكار حول الاستحقاق الرئاسي على نحو مباشر ورسمي، فيما «يتخبط» حزب «الكتائب»، ويبدو مربكا وهو يحاول نفي «تهمة» لقاء حصل دون ادنى شك مع حزب الله، لكنه اختار «التنصل» منه، لانه يبدو محرجا امام جمهوره، بعدما اتضح انه يقول شيء في العلن ويعمل عكسه في السر! كما تقول مصادر مطلعة على اجواء اللقاء.
ويعمل بري على «خط» «كليمونصو» «ومعراب» في محاولة لايجاد ارضية صالحة للنقاش حول ترشيح فرنجية، فيما لا يزال حزب الله على موقفه بعدم نقاش ترشيح اي مرشح ثالث مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، غير فرنجية، ويراهن على الوقت لاعادة اطلاق جولة جديدة من الحوار تحت عنوان الحفاظ على الحليف» البرتقالي» دون التخلي عن «زعيم» تيار المردة.
ووفقا للمعلومات، فان «طريق» رئيس المجلس النيابي «مش مسكرة»، ولكن ليست معبدة بعد، والنقاشات تبدو مسؤولة وجدية. والمفارقة في هذا السياق، ان «معراب» تبدو اقرب من «بنشعي» من «ميرنا الشالوحي»، واذا كانت التصريحات العلنية من قبل مسؤولي «القوات اللبنانية» تجزم بعدم امكانية الانفتاح على ترشيح فرنجية، الا ان «الباب» يبدو «مواربا» لاسباب غير واضحة حتى الآن، لا سيما ان كل الاطراف تناور سياسيا في الوقت الضائع، وتبدو اجواء «المردة» مرتاحة اكثر في التعاطي مع «القوات» من «التيار»، خصوصا ان الاتصالات لم تنقطع بين الجانبين منذ الـ 2018 اثر مصالحة بكركي، بينما لا تواصل راهنا مع التيار الوطني الحر، ومجرد تأكيد «القوات» انهم لن يعطلوا اي جلسة نيابية، اذا استطاع اي مرشح الحصول على النصف زائد واحد في الدوة الثانية، مؤشر ايجابي يبنى عليه. خصوصا ان نواب «القوات» يتحدثون عن امكانية تعطيل جلسة او جلستين لكن في نهاية المطاف سيتركون للديموقراطية ان تأخذ مجراها؟!