فيما يُنتظر أن تلتحق جلسة الانتخاب الرئاسية الثامنة الخميس المقبل بسابقاتها، شكلاً ومضموناً، بدا أن كل الأطراف باتت تسلّم بأن سدّ الفراغ الرئاسي لن يكون قريباً، وأن لا جدوى من محاولات فرض رئيس مواجهة أو التعامي عن حقيقة عدم إمكان وصول رئيس معادٍ للمقاومة إلى قصر بعبدا وفق المعادلة التي وضعها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه في 11 الجاري.
ولعلّ مصداق هذا التسليم يكمن في «الهجمة الحوارية» التي يتعرّض لها حزب الله، بعيداً من سيمفونية «خطف الدولة» و«التسلّط» عليها. وفي هذا السياق، فإن خطوط الاتصال بين الحزب وبكركي مفتوحة، على هامش الملف الرئاسي. فبعد زيارة قام بها مستشار البطريرك وليد غياض لرئيس المجلس السياسي في الحزب السيد إبراهيم أمين السيد قبل نحو شهر لجس نبض الحزب من بعض الأسماء المرشحة للرئاسة، عُقد اجتماع آخر بين غياض ومسؤولين في الحزب قبل نحو أسبوعين في منزل النائب فريد هيكل الخازن. وبحسب المعلومات، فإن الحزب أكد أن لا مرشح معلناً له بعد، لكنه عرض موقفه و«كيف يفكر» في ما يتعلق بهذا الملف.
وفيما يتصدّر حزب الكتائب «جبهة» التصدي لحزب الله و«سيطرته على لبنان بقوة السلاح والعنف والتهديد والانفراد بالقرارات نيابةً عن الجميع»، وصولاً إلى تلويح رئيسه النائب سامي الجميل، أخيراً، بـ«الطلاق»، علمت «الأخبار» أن لقاء بين الكتائب وحزب الله عُقد أخيراً في الضاحية الجنوبية، بطلب من الصيفي. وقد ضم اللقاء عضو المكتب السياسي في حزب الله الحاج محمد الخنساء (أبو سعيد) ونائباً من كتلة «الوفاء للمقاومة» والأمين العام لحزب الكتائب سيرج داغر. وفيما نفت مصادر كتائبية الأمر، مؤكدة أنه «عندما نجري أي حوار مع أي طرف في البلد سنعلن عنه»، أكدت مصادر أخرى أن اللقاء «حصل فعلاً، وهو ليس حواراً ثنائياً ولا سرياً، بل تواصل للبحث في شؤون البلد خصوصاً في ما يتعلق بالملف الرئاسي». وأكدت أن اللقاء مع الكتائب يأتي في سياق سياسة الانفتاح التي يعتمدها حزب الله على كل الأطراف من أجل تخفيف التوتر، وهو شكل من أشكال التواصل الذي يشدد الحزب على ضرورته في هذه المرحلة الحساسة، كما هي الحال، مثلاً، مع بكركي ومع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.
في غضون ذلك، فتحت زيارة النائب جبران باسيل لقطر باب التأويلات خصوصاً أن وجوده في الدوحة يتزامن مع وجود عدد كبير من المسؤولين الأميركيين والأوروبيين والعرب. وفيما ترددت أنباء غير مؤكدة عن لقاء يمكن أن يجمعه بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قال مطلعون على مشاورات متصلة بالملف الرئاسي إن قطر ليست بعيدة من لعب دور ضمني في الملف الرئاسي، مشيرة إلى أن «مسؤولين قطريين فاتحوا باسيل باسم قائد الجيش العماد جوزيف عون لرئاسة الجمهورية بالتزامن مع معطيات تؤكد أن فرنسا مدعومة من واشنطن والرياض باتت أقرب إلى الإعلان عن دعم ترشيحه».
في غضون ذلك، لفت موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي خلال ترؤسه قداساً احتفالياً في كنيسة مار مارون في المعهد الحبري الماروني في روما أمس، إذ اعتبر أنّه «بقطع النظر عن العرف القائل بوجوب نصاب ثلثي أعضاء مجلس النواب في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، يجب ألا ننسى المبدأ القانوني القائل لا عرف مضاداً للدستور». وأشار الراعي إلى أن «الدستور بمادته الـ 49 ينص على انتخاب الرئيس بثلثي الأصوات في الدورة الأولى، وفي الدورة التالية وما يليها بالغالبية المطلقة (نصف زائداً واحداً). فلماذا إقفال الدورة الأولى بعد كل اقتراع وتعطيل النصاب في الدورة التالية خلافاً للمادة 55 من النظام الداخلي للمجلس؟».