الحلم العربي يتحقّق اليوم مع انطلاق كأس العالم 2022 من دولة قطر. بعد 12 عاماً من الترقّب وسنوات من العمل الجاد والتجهيزات الضخمة، أبهرت قطر اليوم العالم، بنسخة اسثنائية من المونديال، وبحفل غنائي ضخم ومميّز، للمرة الأولى في التاريخ العربي والشرق الأوسط.
المشهد العالمي الكروي ينطلق بحماسة لا حدود لها من العالم العربي ليجوب العالم، مع حفل افتتاح ضخم جمع الثقافات العربية والأجنبية، بمشاركة جمهور متعطّش للفرح، فيما تتجه الأنظار إلى المباراة الأولى التي ستجمع البلد المضيف مع منافسه الأكوادور، في المجموعة الأولى لمباريات كأس العالم.
من اليوم وإلى 18 كانون الأول المقبل، تزدحم قطر بالمشجعين الأجانب بين ملاعبها التي جُهّزت خصيصاً لهذا الحدث، وعلى الكورنيش، وفي محطّات المترو المزدحمة بشكل غير عادي في الإمارة الخليجية الصغيرة
بعد إشارة انطلاق فعاليات المونديال، رحّب أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني بالعالم في افتتاح مونديال 2022، متمنّياً لـ”الفرق المشارِكة أداء كرويّاً رائعاً وروحاً رياضيّة”، وقال: “أهلاً وسهلاً بالعالم في دوحة الجميع”.
وأضاف أمير قطر: “سنتابع ومعنا العالم هذا المهرجان الكروي الكبير للتواصل الحضاري”.
وتابع من على منصة الشرف: “عملنا ومعنا كثيرون واستثمرنا في الخير للإنسانية جمعاء، وسنتابع ومعنا العالم هذا المهرجان الكروي الكبير للتواصل الحضاري”.
وفي كلمته المقتضبة، قال: “ما أجمل أن يضع الناس ما يفرقهم جانبا لكي يحتفوا بتنوعهم وما يجمعهم”.
وبعد حبس للأنفاس، افتتحت بطولة كأس العالم 2022 في قطر، منذ دقائق، بمشاركة 32 منتخباً للمرة الأخيرة في “العرس العالمي”، بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والأمير الوالد حمد بن خليفة آل الثاني، وعدد من رؤساء الدول والحكومات بينهم ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان ونائب رئيس الإمارات الشيخ محمد بن راشد.
حضر الافتتاح العديد من رؤساء الدول والحكومات بينهم رؤساء فلسطين محمود عباس، الجزائر عبد المجيد تبون، رواندا بول كاغامي، مصر عبد الفتاح السيسي، تركيا رجب طيب إردوغان، ملك الأردن عبدالله الثاني بن الحسين، إضافة إلى رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو، الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريس ورئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ.
وقبيل ساعات من انطلاق المونديال، تعرض المنتخب الفرنسي لضربة قوية بعد انسحاب المهاجم المخضرم كريم بنزيمة، أفضل لاعب في العالم، من تشكيلة حامل لقب كأس العالم لإصابة بفخذه، لينضم إلى سلسلة غيابات أرهقت الـ”ديوك”، وذلك قبل ثلاثة أيام من مباراتهم الأولى.
وكتب اللاعب، صاحب 37 هدفاً في 97 مباراة دولية مع فرنسا، عبر حسابه في “إنستغرام”: “لم استسلم في حياتي أبداً، لكن الليلة يجب أن أفكّر في الفريق كما فعلت دوماً. المنطق يفرض علي ترك مكاني لشخص يمكنه أن يساعد فريقنا لتقديم كأس عالم جيدة”.
كما سيغيب النجم ساديو ماني عن نهائيات المونديال، لإصابته في ساقه اليمنى، وفق ما أعلن الاتحاد السنغالي للعبة.
وأعلن طبيب المنتخب مانويل ألفونسو في حساب “أسود التيرانغا” على موقع تويتر: “للأسف، أظهر فحص الرنين المغناطيسي اليوم (الخميس) أن تطوّر (التعافي) ليس ملائماً كما كنا نعتقد، ونحن مضطرون آسفين لإعلان انسحاب ساديو من كأس العالم”.
ماذا نعرف عن حفل افتتاح المونديال؟
يشهد استاد البيت، بتصميمه المستلهم من الخيمة البدوية التقليدية، اليوم، حفل افتتاح النسخة الأولى من نهائيات كأس العالم لكرة القدم في الشرق الأوسط والعالم العربي، يذكر بحفل دورات الألعاب الأولمبية “يمزج بين التقاليد القطرية والثقافة العالمية”، ويتصدره أحد أعضاء فرقة البوب الكوري الشهيرة “بي تي إس”.
وستكون رسالة الحفل، الذي يستغرق 30 دقيقة بدءاً من الساعة 17:30 بعد الظهر (بتوقيت الدوحة)، بمثابة دعوة إلى العالم أجمع كي يأتي إلى قطر، وتتمحور حول التقارب بين كل شعوب البشرية والتغلب على الاختلافات من خلال الإنسانية والاحترام والشمولية، حيث أن كرة القدم تسمح لنا بالتقارب كقبيلة واحدة كوكبها هو الخيمة التي نعيش فيها.
ويشمل حفل الافتتاح برنامجاً مكوناً من سبع فقرات يحييها فنانون عالميون وتمزج بين التقاليد القطرية والثقافة العالمية، بينما يُحتفل بالمنتخبات الـ32 المشاركة وبالدول المستضيفة السابقة لكأس العالم وبمتطوعي البطولة.
وإلى جانب المئات من المؤدّين والعازفين والراقصين، سيُشجع على التنوع والشمولية سفير كأس العالم غانم المفتاح، والفنانة القطرية دانا.
وأوضح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في بيان صحافي أن مفاجآت عديدة بانتظار جماهير المستديرة الساحرة حول العالم، والعرض الأهم يحمل عنوان “دريمرز” (حالمون) والتي ستكون أغنية جديدة تضاف إلى قائمة الأغاني الرسمية للعرس العالمي وتحمل توقيع نجم البوب الكوري الجنوبي أحد الأعضاء السبعة لفرقة “بي تي إس” جونغكوك والمطرب القطري فهد الكبيسي.
على الكورنيش، المتنزه السياحي الكبير على طول خليج الدوحة، وبالقرب من حديقة البدع، بدأ المشجعون الذين يرتدون ألوان منتخبات بلادهم في رفع أصواتهم تشجيعاً لها، غالبيتهم من المكسيكيين يرتدون القبعات التقليدية الشهيرة “سومبريرو”، والأرجنتينيين.
وقال أحد المشجعين المكسيكيين لويس بيريس الذي يعيش في مكسيكو: “إنها كأس العالم الأولى لنا، لا نعرف حقّاً ما الذي نتوقعه. لكن الأجواء رائعة جدّاً”.
وأضاف: “مساء أمس، ذهبنا إلى مهرجان المشجعين وكان لطيفًا، كان هناك فقط بطء قليل عند المدخل. اعتقدنا أنه سيكون هناك الكثير من الأشخاص، ولكن بدأت البطولة الآن. الناس هنا يتحدثون الإنكليزية بشكل جيد، الأمر سهل جدّاً. وسائل النقل تعمل بشكل جيد جدّاً”.
بالنسبة لليوبولد فاس، بلجيكي يبلغ من العمر 65 عاماً، فإنّ حظر بيع الكحول في الملاعب الذي تقرر الجمعة يمثل، من ناحية أخرى، ضربة كبيرة.
اكتظاظ في محطة المترو
وأعرب عن أسفه قائلاً: “لا أعتقد أن الأمر سيكون مثل كؤوس العالم الأخرى. بدون كحول، إنه شيء استثنائي. كرة القدم والكحول متلازمان لكثير من الناس”.
علامة بارزة أخرى: طابور شراء التذاكر في منفذ وست باي الرئيسي لم يكن طويلا منذ افتتاحه في منتصف تشرين الأول، تحت أنظار ملصق عملاق للنجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، أحد آخر الملصقات التي تم نشرها على المباني من هذه المنطقة المركزية في العاصمة.
في الساعة العاشرة صباحاً، كان خط المترو المتجه نحو استاد البيت، مسرح المباراة الافتتاحية على بعد نحو 50 كيلومتراً شمال الدوحة، مكتظّاً بالفعل. توجهت مجموعة من الغانيين، من بين أكثر المشجعين احتفالية في الأسابيع الأخيرة في قطر، نحو الكورنيش المزين بعلم دولتهم (الأحمر، الأصفر، الأخضر مع نجمة سوداء).
في محطة مشيرب، نقطة التقاء الخطوط الثلاثة لمترو الدوحة، يعمل العديد من المتطوعين بالسترات الزرقاء والمجهزين بمكبرات الصوت لتوجيه السائحين القلائل الضائعين بعض الشيء، ولا سيما عشرات الألمان الحاملين لقمصان “دي مانشافت” على الظهر وبطاقة “هيَّا”، تصريح دخول قطر خلال المونديال، حول العنق.
كما تظهر أعلام وقمصان منتخبات هولندا والأرجنتين وكرواتيا وقطر وحتى لبنان الذي لم يتأهل إلى النهائيات.
وقال روبرتو كادينو، الطالب الإكوادوري المقيم في الولايات المتحدة حاملاً قميص المنتخب وواضعاً علم بلاده حول عنقه: “وصلت اليوم. أنا متحمس حقًا لوجودي هنا ولمقابلة أشخاص من جميع الجنسيات. أنا ذاهب إلى المباراة، لا أعرف مكانها على الإطلاق، لكنني لا أهتم. لدي تذاكر لجميع مباريات الإكوادور. سنكون أبطالاً واليوم سنفوز 3-1”.
وأوضح كارلوس ألفير، إكوادوري آخر يعيش في ولاية كاليفورنيا الأميركية “إنه أمر خاص حقًا أن أتواجد هنا. إنه (المونديال) الأول في الشرق الأوسط، إنه تاريخي، والإكوادور هنا لخوض المباراة الافتتاحية. وصلنا صباح أمس وبكل صراحة، الأمر غريب بعض الشيء. هدوء بعض الشيء، على الرغم من وجود عدد أكبر من الإكوادوريين مما كنت أعتقد. ولكن هناك كل هذه البنية التحتية التي تبدو فارغة، وهناك قصة المشجعين المزيفين… لسنا بحاجة إلى ذلك في المونديال. أرى أن الإكوادور ستفوز 2-1”.
من جهته، قال سهيل السعيدي، تونسي يعيش في العاصمة تونس جاء إلى الدوحة بتذاكر مباراتين لمنتخب بلاده تونس ومباريات أخرى “الأمر مثير للإعجاب بخصوص كل شيء يتعلق بالسياحة، والتنظيم جيد. لكن بالنسبة لما يتعلق بالرياضة، أعتقد أن ذلك سيكون مختلفًا تمامًا، لا توجد روح رياضية”.