تحققت بنجاح في 15 نوفمبر عام 1988 أول وآخر رحلة فضائية مأهولة لمركبة "بوران" السوفيتية المدارية المتعددة الاستخدامات.

انطلق المكوك السوفيتي إلى الفضاء بواسطة صاروخ "إنِرغيا" الفائق الثقل والمزود بـ4 محركات فضائية قوية من طراز "إر دي - 170"، وقام ببضع دورات حول الأرض ليهبط أوتوماتيكيا في أحد المطارات السوفيتية  كطائرة عادية.

وجاء تحقيق برنامج "بوران – إنرغيا" مثابة ذروة للبرنامج الفضائي السوفيتي وانتصارا كبيرا للتكنولوجيا الفضائية السوفيتية، لكن عملية "البيريسترويكا" التي بادر إلى تنفيذها الأمين العام للحزب الشيوعي السوفيتي آنذاك ميخائل غورباتشوف وتفكك الاتحاد السوفيتي كدولة عظمى فيما بعد أفشل كل البرامج المتعلقة بالتحقيق اللاحق لهذا المشروع الفضائي الضخم. ولسخرية القدر تحوّل مكوك "بوران" إلى دار سينما افتتح لاحقا في متنزه "غوركي" بموسكو.

لكن الأفكار والتكنولوجيات التي تضمنها المشروع لا تزال قائمة ولا يزال يستفيد منها المهندسون الروس عند تصميم الصاروخ الفائق الثقل والمركبات الحديثة المتعددة الاستخدام.

يذكر أن القيادة الأمريكية قررت عام 1972 بعد طي البرنامج القمري تصميم  مكوك "شاتل" المتعدد الاستخدامات والقادر على أيصال السلاح النووي إلى مدار حول الأرض وقصف المنشىآت والقواعد الصاروخية السوفيتية من الفضاء.

وقد انطلق مكوك "شاتل" إلى الفضاء عام 1982 بواسطة صاروخ " ساتورن – V " الفائق الثقل والذي طوّره المهندس الألماني النازي براون. ومن أجل التصدي لذلك أصرت القيادة السوفيتية ووزير الدفاع آنذاك، أوستينوف، على تصنيع مكوك سوفيتي مثيل للمكوك الأمريكي يكون بمقدوره إيصال صواريخ ومنظومات ليزر إلى مدار حول الأرض حيث كان عليه أن يدمّر مركبات فضائية وأقمارا صناعية أمريكية، بما في ذلك مكوك "شاتل" الشهير.

وقد فشلت عام 1987 البعثة الفضائية الأولى لمكوك "بوران" السوفيتي المزوّد بمنظومة الليزر. وأوصله صاروخ "إنِرغيا" إلى ارتفاع 130 كيلومترا فوق الأرض حيث انفصل عن الصاروخ ولم يستطع مواصلة التحليق بشكل مستقل. لكن البعثة الثانية التي انطلقت منذ 34 عاما في 15 نوفمبر تُوّجت بنجاح تام. لكن كان ما كان!