أعلن قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» الإيراني أمير علي حاجي زاده، اليوم (الخميس)، أن قواته صنعت للمرة الأولى صاروخاً باليستياً فرط صوتي، وهو سلاح سريع ولديه القدرة على المناورة، في تصريحات من المرجح أن تزيد المخاوف المتعلقة بقدرات طهران الصاروخية.
ونقلت وكالتا «فارس» و«تسنيم» التابعتان لـ«الحرس الثوري» عن حاجي زاده قوله: إن «هذا الصاروخ له سرعة عالية، ويمكنه المناورة داخل وخارج الغلاف الجوي. سيستهدف منظومات العدو المتطورة المضادة للصواريخ، وهو قفزة كبيرة في مجال الصواريخ».
وقال حاجي زاده: «هذا الصاروخ الجديد بإمكانه اختراق جميع منظومات الدفاع الصاروخي، ولا أعتقد بأنه سيتم العثور على التكنولوجيا القادرة على مواجهته لعقود مقبلة»، مضيفاً: «هذا الصاروخ يستهدف منظومات العدو المضادة للصواريخ، ويعتبر قفزة كبيرة في الأجيال في مجال الصواريخ»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».
ويمكن لتلك الصواريخ الطيران بسرعة تزيد على ستة آلاف كيلومتر (كلم) في الساعة، أي أسرع من سرعة الصوت بخمس مرات، وفي مسار معقد يجعل من الصعب اعتراضها.
ولم يتضح ما إذا كانت إيران قامت بتجربة للصاروخ. وبينما تطور طهران صناعة محلية كبيرة للأسلحة في مواجهة العقوبات الدولية والحظر فإن محللين عسكريين غربيين يقولون إن إيران تضخم أحياناً من قدرات أسلحتها بحسب «رويترز».
لكن المخاوف بشأن الصواريخ الباليستية الإيرانية أسهمت في قرار أميركي في عام 2018، أثناء حكم الرئيس السابق دونالد ترمب، بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع قوى عالمية في 2015.
ويعد هذا ثالث إعلان يتعلق بالبرنامج الصاروخي المثير للجدل خلال الأسبوع، بينما تعصف بالبلاد أحدث احتجاجات عامة تطالب بإسقاط نظام الحكم.
وأعلنت إيران، خلال الأيام الماضية، اختبار صاروخ حامل للأقمار الصناعية، بالإضافة إلى إنتاج صاروخ يصل مداه إلى 450 كلم، ويطلق من منظومة «باور 373» الدفاعية.
وتزامن الإعلان الصاروخي لـ«الحرس الثوري»، مع تصريحات وردت على لسان وزير الخارجية الإيراني ومسؤولين آخرين عن اتصالات مع مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي والوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ بهدف إنعاش المفاوضات المجمدة وحل الخلافات.
في غضون ذلك، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي، الخميس، إن تصنيع صاروخ إيراني باليستي فرط صوتي، يفاقم «المخاوف» الدولية إزاء إيران.
وأوضح غروسي، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»، على هامش مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27) في شرم الشيخ، أن هذا الموضوع ليس في صلب اختصاص الوكالة «لكن لا يمكن أن ننظر إلى الأمور بمعزل عن بعضها بعضاً (...) هذه الإعلانات تفاقم المخاوف وتزيد الانتباه إلى الملف النووي الإيراني»، مؤكداً: «لا بد أن يكون لذلك تأثير».
* صواريخ عابرة للقارات
وفي مطلع الأسبوع، قالت طهران إنها اختبرت الصاروخ «قائم 100»، وهو أول مركبة إيرانية يتم إطلاقها على ثلاث مراحل، وسيكون قادراً على وضع أقمار صناعية تزن 80 كيلوغراماً في مدار على بعد 500 كلم من سطح الأرض.
ووصفت الولايات المتحدة مثل هذه التحركات بأنها «مزعزعة للاستقرار»، إذ ترى أن المركبات التي تطلق في الفضاء يمكن استخدامها لنقل رأس حربي نووي.
جاء إعلان «الحرس الثوري» عن الخطوة بعد 77 يوماً على إعلان حاجي زاده استعداد قواته لإطلاق صاروخ «قائم»، الذي يعمل محركه بالوقود الصلب.
وأشار التلفزيون الإيراني حينها إلى أن صاروخ «قائم» عُرض للمرة الأولى قبل عام 2010 بحضور حسن طهراني مقدم، العقل المدبر لبرنامج صواريخ «الحرس الثوري» الذي قُتل في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011 إثر تفجير مصنع الصواريخ الباليستية في قاعدة «ملارد» بضاحية طهران، في حادث خلف 36 قتيلاً من «الحرس الثوري» حسب إحصائية قدمتها السلطات الإيرانية.
وأشار التلفزيون الإيراني إلى إعلان «الحرس الثوري» تجريب محركات صواريخ فضائية، تعمل بالوقود الصلب، في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وقال حاجي زاده، في يناير الماضي، إن الصواريخ الجديدة «مصنوعة من مواد مركبة، بدلاً عن المعدن، ومحركها غير متحرك»، موضحاً أن ذلك «يزيد من طاقة الصاروخ، وهي غير مكلفة»، الأمر الذي يمكِّنه من نقل حمولة ثقيلة مثل الأقمار الصناعية.
وأثارت عمليات إطلاق الصواريخ السابقة توبيخاً من الأطراف الغربية في الاتفاق النووي، التي تقول إن إطلاق مثل هذه الأقمار الصناعية يتحدى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الذي يدعو إيران إلى الابتعاد عن أي نشاط يتعلق بالصواريخ الباليستية القادرة على حمل أسلحة نووية.
وينتاب الولايات المتحدة القلق من أن تكنولوجيا الصواريخ بعيدة المدى، التي تستخدم لوضع الأقمار الصناعية في مداراتها، يمكن استخدامها أيضاً لإطلاق رؤوس حربية نووية. كما تخشى الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل من أن تتخذ طهران من برنامجها لإطلاق الأقمار الصناعية غطاء لتطوير صواريخ عابرة للقارات.
وأكثر ما يثير مخاوف الغربيين إمكانية قيام إيران بتعديلات على الصواريخ الحاملة للأقمار الصناعية التي تعمل بالوقود الصلب من أجل تحويلها إلى صواريخ عابرة للقارات قادرة على بلوغ أكثر من 5 آلاف كيلومتر (كلم).
* تقدّم روسي
وبعد إعلان إيران، تتوسع قائمة الدول التي أعلنت أنها طوّرت هذه التكنولوجيا، ما يثير المخاوف من سباق جديد للتسلح.
وذكرت نشرة «جينز» أن الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت تشكّل تحدياً لمصممي الرادارات بسبب سرعتها العالية وقدرتها على المناورة. وتسعى دول عدة إلى تطوير صواريخ فرط صوتية، التي أكّدت موسكو أنها استخدمتها في القتال في بداية هجومها في أوكرانيا.
وفي حين حقّقت إيران وروسيا، اللتان تخضعان لعقوبات غربية، تقارباً في الأشهر الأخيرة، أقرّت طهران في 5 نوفمبر بأنها سلّمت مسيّرات لروسيا، لكن قبل الحرب في أوكرانيا.
وتتّهم كييف والغرب موسكو باستخدام مسيّرات إيرانية الصنع في هجماتها على المدنيين والبنى التحتية.
وأعلنت كل من روسيا وكوريا الشمالية والولايات المتحدة في 2021 أنها أجرت اختبارات لصواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، لكن روسيا تبدو متقدّمة في هذا المجال بأنواع عدة من هذه الصواريخ.
وفي مارس (آذار) الماضي، وخلال الأسابيع الأولى من غزو أوكرانيا الذي بدأ يوم 24 فبراير (شباط)، أعلنت روسيا أنها استخدمت صواريخ «كينجال» فرط الصوتية؛ ما شكّل سابقة على الأرجح، إذ لم تعلن موسكو في السابق استخدام هذا النوع من الأسلحة إلا للاختبارات.
من جهتها، تعمل الصين على مشروعات عدة يبدو أنها مستوحاة مباشرة من البرامج الروسية، وفقاً لدراسة أجراها مركز بحوث الكونغرس الأميركي. واختبرت خصوصاً مركبة انزلاقية تفوق سرعتها سرعة الصوت، ويصل مداها إلى 2000 كلم.
وخلافاً لما يعتقد، فإن الصواريخ فرط الصوتية ليست بالضرورة أسرع من الصواريخ الباليستية. والفرق الكبير بينهما هو أن الصاروخ فرط الصوتي يمكنه المناورة ما يصعّب توقّع مساره واعتراضه.
ويمكن لأنظمة «ثاد» المضادة للصواريخ اعتراض مقذوفات عالية السرعة، لكنها مصممة لحماية منطقة محدودة. وإذا كانت قذيفة فرط صوتية فإن أنظمة رصد الصواريخ التي تقيس مصادر الحرارة، قد لا تتعرف على الصاروخ إلا بعد إلقائه، وعندها يكون الأوان فات لاعتراضه.
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا